الورشة الختامية لمشروع «أفكار 2» في بيروت، بقيت عند توصيف آفات المشهد الإعلامي، والتعبير عن الأمل بتحسين الأداء المهني والأخلاقي، قبل أشهر من موعد الانتخابات النيابية اللبنانيّة
صباح أيوب
كذب، انحياز، مجاملة الحلفاء، دفق الأموال الانتخابية، غياب المراصد الفاعلة، عدم توعية المواطن، خرق قانون الإعلام بكل بنوده... هذه «حصيلة» النتائج التي توصّلت إليها الورشة الختامية لمشروع «أفكار 2» من تنظيم «الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات» (بتمويل من الاتحاد الأوروبي وبإدارة وزير التنمية الإدارية). الجلسة التي عقدت أمس في أحد فنادق بيروت، بعنوان «نحو مجلس مستقلّ لميثاق شرف إعلامي»، بحضور وزير الإعلام طارق متري، ووزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية إبراهيم شمس الدين، خطت الخطوة الأولى... في عرض المشاكل من دون التوصل إلى نواة تأسيسيّة لـ«ميثاق شرف إعلامي» كما كان طموح الورشة. جلسة العمل التي أتت بعد حملات التوعية بشأن قانون الانتخاب والعملية الانتخابيّة التي أطلقتها الجمعية، بقيت في نطاق عرض الشكاوى وإطلاق الدعوات، والإعراب عن الآمال بتحسين الوضع الإعلامي في البلد، عشية الانتخابات النيابية. إذ إنّ الورشة، التي حضرها رسميّون وعقدت مع بداية الحملات الانتخابية «الطنّانة» في وسائل الإعلام، غاب عنها طبّاخو الدعاية السياسية، وصنّاع الحملات الانتخابية، ومسؤولو المؤسسات الإعلامية وممثّلون عنهم، أطلقت العنان للأصوات المنتقدة والراصدة والمطالبة لتبقى أصداءً تصدح في غرفة محاضرات الفندق البيروتي. أما النتيجة الملموسة الوحيدة، فكتاب جامع لدراسات أجراها المحاضرون، وقرص مدمج حولها وموقع إلكترونيّ للجمعية. (www.ladeafkar.org)
وبعد كلمة ترحيبية لكلّ من الأمين العام للجمعية زياد عبد الصمد، ومنسّقة المشروع يارا نصار، دعا الوزير متري الجمعيات والإعلاميين إلى «السعي لوضع شرعة سلوك مهنية لإقامة مرقب، وتشكيل هيئة وطنية مستقلة تعمل من أجل احترام الشرعة».
تغطية الإعلام اللبناني للانتخابات هي في طور «الهواية» و«نصف الاحتراف»، هكذا رأى جان كرم واقع الإعلام اللبناني المواكب للانتخابات في الجلسة الأولى من الحلقة. بدا كرم يائساً ممّن سمّاهم «الحرس القديم» في المؤسسات الإعلامية، ودعا الصحافيين إلى التركيز على برامج المرشحين الانتخابية أكثر من المرشّح نفسه. أما جورج صدقة فشدّد على دور المراصد الإعلامية لمحاسبة الإعلاميين، مشيراً إلى عدم وجود «شرعة أخلاق داخلية» في المؤسسات الإعلامية. ووصفت ديانا مقلّد في مداخلتها الصحافة الاستقصائية بـ«الفرقعة الإعلامية»، عارضةً للمشكلات الأساسية في الأنظمة ونظرة المجتمع إلى الصحافي... تلك النظرة التي تقف عائقاً في مسار البحث عن الحقائق والمعلومات. وقد علّق متري منتقداً الصحافي «المتلصّص» الذي لا همّ له سوى «نشر الفضائح».
الجلسة الثانية من ورشة العمل التي شارك فيها الإعلاميّون: علي رمّال، سعيد غريّب وطوني فرنسيس تطرّقت إلى معايير المهنة وأخلاقيّاتها. وتضمّنت رصداً لمقدّمات نشرات الأخبار في مختلف القنوات المحلية، مبيّنة الانحياز التام وتبادل الاتهامات في ما بينها. وبينما طالب بعض المحاضرين بـ«إلغاء مقدّمات النشرات الإخبارية»، أجمع الحاضرون على أنّ القوانين هي «الضحية الأكبر لممارسات الإعلام اليومية». وتحدّث غريّب عن تجربته الطويلة في مجال البرامج الحوارية، ليخلص إلى نصيحة وجّهها إلى الحاضرين (الذين تقلّص عددهم بوضوح بعد استراحة الغداء): «ما تقول كل شي بتعرفه، اعرف كلّ شي بدّك تقوله». أما التوصية الأصدق التي عبّرت عن جوّ الورشة «الإعلامية»، فتلك التي صدرت عن غريّب حين طالب بـ«فترة استراحة... من الإعلام»!