نوال العلي يمكننا أن نسمع الأدب وهو يتنفس في أميركا التي تظهر إنسانيتها كلما ابتعدنا عن السياسية. ومسألة الاطلاع على أدب الشباب الذي ينتج هناك الآن فرصةٌ لا ينبغي تفويتها: إنه يتمتع بخصوصية تجمل حضارة القرن العشرين بما يقدّمه من أدب قاتل. الأدباء يشبهون القتلة المتسلسلين هناك (أليست هذه فكرة نمطية بعض الشيء؟)، الأفكار يأتي دورها تباعاً لتلقى مصيرها السينمائي المدهش.
مجلة «البوتقة» الإلكترونية، من تصميم هالة صلاح الدين حسين وتحريرها، تصدر من مصر، وتعنى بترجمة الأدب الأميركي خاصة، والإنكليزي عامة. ما يلفت حقاً هو هذه الحميمية التي تنسج محتويات الموقع كلها في قماشة واحدة. ثمة هدوء أدبي، حتى إنك لتشعر بنفسك في مكتبة عامة. الضجيج ممنوع، والموقع يتيح لك تصفّح محتوياته من دون بهرجة التصميم وتعقيداته.
بأبواب محدودة، يمكن القارئ أن يتصفّح أدب الكتّاب الأميركيين الشباب المجهولين في غالبيتهم بالنسبة إلينا، إضافة طبعاً إلى أولئك المشاهير. تذكّرك المحررة دائماً بأنّ العلاقة بين الموقع والأدباء المترجمين هي مباشرة، ثم يأتي بعد كل ذلك التسلسل في عرض المواد، متتالية من دون تعقيد. ما عليك سوى أن تهبط بالمؤشر ببساطة.
تضم «البوتقة» في عددها العشرين مجموعة من الترجمات، قصة «الشاي» لنانسي رايسمان، «ليل، شاحنة، مصباحان مضيئان» لبيتر تورتشي، «لستَ غريباً هنا» لآدم هاسليت.
العدد العشرون هو آخر عدد تُصدره مجلة «البوتقة» بصورة فصلية. إذ تصرّ مؤسسة الموقع على حصول «البوتقة» على حقوق ترجمة القصص ونشرها من الدور الأميركية والوكلاء الأدبيين، ما يتطلّب الكثير من الوقت.
تحافظ «البوتقة» على التنوّع في انتقاء المضامين، بمعنى أن لا درجة لأسلوب على آخر، ولا انتقائية مزاجية، الإبداع أساس متفق عليه. كما توفّر المجلة، كخدمة لقارئها، مواقع المجلات الأدبية الأميركية والإنكليزية، ولا تخضع لأي نوع من الرقابة، نظراً إلى استقلاليتها التامة.
ويؤخذ على المجلة أنها لا تترجم سوى القصص القصيرة، وعن اللغة الإنكليزية فقط، وفي كل عدد تنشر ثلاث قصص. ولكنها تفتح بما تقدمه من معلومات إضافية باباً على مواقع أخرى أكثر ثراءً.
http://albawtaka.com