مسلسل منع إعلاميين عرب من دخول غزّة ما زال مستمراً. حلقة «بلا حدود» أكّدت مجدداً أنّ السلطات المصرية تعوق أيضاً حركة الأطباء والمهندسين والحقوقيين... وكل مَن وما من شأنه أن يكشف جرائم إسرائيل
صباح أيوب
ثلاث حلقات مباشرة، عشرات المقالات، مئات الطلبات الرسمية اليومية... والسلطات المصرية على موقفها: ممنوع دخول غزة. بعد حلقتين من برنامج «حوار مفتوح» (إعداد وتقديم غسان بن جدو) وحلقة من «بلا حدود» (إعداد وتقديم أحمد منصور)، أظهرت القمع الذي يتعرّض له بعض الصحافيين من السلطات المصرية، لا يزال إعلام «الجزيرة» محاصراً على معبر رفح. مُنع الإعلاميان العربيان «عمداً» من تأدية مهمّاتهما من داخل غزة، فما كان منهما إلا أن قدّما برنامجيهما من المعبر المقفل على بعد أمتار قليلة من القطاع المدمّر. حلقات كشفت عن «ممنوعين» آخرين من العبور هم أطباء، ومهندسون معماريّون واختصاصيّون زراعيّون وبيئيّون وحقوقيّون جاؤوا من سوريا ومصر والنرويج وفرنسا وأميركا ليسهموا ـــ كلّ في مجال اختصاصه ـــ في تضميد جراح أهل غزّة وتسليط الضوء على حاجاتهم ومعاناتهم وحقوقهم المهدورة. لكنّ السلطات المصريّة ساهرة على الحدود، على ما يبدو، حفاظاً على المصالح... الإسرائيليّة.
«يؤسفنا أنّ السلطات المصرية اتخذت موقفاً متعمّداً منّي ومن غسان بن جدو ومن التقنيين»، هكذا افتتح الإعلامي أحمد منصور حلقته الخاصة أوّل من أمس من معبر رفح، حيث ينتظر مع زملائه منذ أكثر من عشرة أيام. منصور الذي استضاف المحامي الدولي وعضو لجنة التحقيق في الجرائم الإسرائيلية لؤي ديب مع الوفد النرويجي الفرنسي المرافق، لم يُخفِ أساه كإعلاميّ ومواطن مصري، مِن رفض حكومة بلاده طلبه أكثر من مرة. وبعد كشف حلقة «حوار مفتوح» الأخيرة عن الأسباب الواهية التي تعطيها السلطات المصريّة للأطباء المتطوّعين مثلاً، وتبرير منعهم بالقول «القطاع لا يحتاج إلى هذه الاختصاصات»، سلّط منصور الضوء على منع دخول لجنة التحقيق لإدانة الجرائم الإسرائيلية. القطاع أيضاً لا يحتاج إلى هذا النوع من العون؟!
لؤي ديب لم يجد تفسيراً لموقف السلطات المصرية التي منعته من الدخول سوى «أنّه لمصلحة إسرائيل». وأكّد أنه ورفاقه «باقون حتى يسمح لهم بالدخول، وهدفهم إيجاد الأدلة على محاكمة الضباط الإسرائيليين على جرائمهم»، بناءً على قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مورينو أوكامبو. وعلى رغم أنّ قرار هذا الأخير صُنِّف بـ«التاريخي»، إذ أفلت من الضغوط الإسرائيلية المعتادة، فإنّ الساهرين على مصالح إسرائيل يحاولون جاهدين أن يحافظوا على براءتها. «هل سنتمكّن من رؤية إسرائيل وضبّاطها يحاكمون أم أنّ هذا حلم؟» سأل أحمد منصور المحامي الدولي، فأجاب: «ذلك ليس حلماً لكنّه يتطلّب عزيمةً». وختم منصور حلقته بتحيّة وجّهها «من بلا حدود على الحدود المقفلة...» وبالهدوء نفسه الذي ختم به بن جدو حلقته الأسبوع الماضي، مع فارق وحيد أنّ هذا الأخير وعد بـ«أنّه سيدخل إلى غزة»!
لكنّ بن جدو عاد إلى بيروت منذ أيّام، فماذا عن وعده؟ «سأكون في غزة... وترقّبوا مفاجأةً قريبةً!»، أكّد مدير مكتب «الجزيرة» في لبنان لـ«الأخبار» أمس. «منعَنا بلدٌ عربي من الدخول إلى فلسطين، في سابقة تاريخيّة لم أشهد لها مثيلاً خلال تجربتي المهنية»، يعلّق بن جدو. وهو يأمل تخصيص حلقة من غزة، حيث يروي مقاتلو «كتائب القسام» تجربة الحرب كما خاضوها. هل نشاهد الحرب من خلال أعينهم على الشاشة قريباً؟ الجواب رهن بـ«مفاجأة» الأيام المقبلة.