عثمان تزغارت ما القصّة مع «مهرجان أفلام الحب» البلجيكي؟ السنة الماضية، أُثيرت ضجة على خلفية تخصيص المهرجان الذي تحتضنه مدينة «مونس»، فعالية للاحتفاء بالذكرى الستين لتأسيس إسرائيل، ما أدّى إلى انسحاب سينمائيين عرب، لينتهي الأمر بإلغاء التظاهرة. وها هي زوابع الجدل تتجدّد. إذ لم يكد المهرجان يفتتح دورته السبت، حتى تفجّرت أزمة سياسية دفعت بأعضاء «الوفد السوري» إلى التهديد بالانسحاب، احتجاجاً على فيلم الافتتاح «جواسيس» الذي صوّر السفارة السورية في لندن وكراً للإرهابيين.
هكذا، سارع المهرجان إلى ترضية «الوفد السوري» رغم أنّ الفيلم ليس إسرائيلياً بل فرنسي، ومخرجه نيكولا سعادة، الذي رغم أصوله اليهودية، لم تُعرف عنه أي ميول صهيونية، بل يعدّ واحداً من نقّاد السينما اليساريّين في مجلة Cahiers du Cinéma. وكان فيلمه طُرح في الصالات الفرنسية، ولم يُثر أي جدل سوى استغراب النقّاد أنّ أول تجربة إخراجية يُقدم عليها ناقد سينمائي سابق في مجلة نخبوية، عبارة عن فيلم تجاري من أفلام الأكشن الرخيصة التي تحاول مضاهاة أفلام الجاسوسيّة الهوليوودية.
وكانت حجة القائمين على المهرجان أنّ لا أحد رأى في الفيلم أي مضمون سياسي مثير للجدل. وهو ما أيّده مشاهدوه من ضيوف المهرجان، من منطلق أنّ «المشاهد الغربي اعتاد في هذا النوع من الأفلام التجارية على رؤية أبطال يقاومون الأشرار المنتمين إلى دولة من دول «محور الشر»». هكذا، وقع الاختيار هنا على سوريا، من منطلق النظرة النمطية التي تتسم بها هذه الأفلام لا رغبةً بالإساءة. ويبدو أنّ هذه الحجج أقنعت الفنانين السوريين المشاركين، بينهم فريق فيلم «أيام الضجر» للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد، فأحجموا عن الانسحاب. وهو الموقف ذاته الذي اتخذه مدير «مهرجان دمشق السينمائي» محمد الأحمد. إلا أنّ المنظّمين لم يقدّموا أي تفسير مقنع عن اختيار «جواسيس» ليكون فيلم الافتتاح في مهرجان مخصّص لـ«أفلام الحب». إذ إنّه بالتأكيد ليس فيلماً مشجّعاً على «المحبة والتآخي بين الشعوب» وهو الشعار الذي يرفعه المهرجان منذ ربع قرن!
يُذكر أنّ خمسة أفلام عربية تشارك هذه السنة في المهرجان، بينها ثلاثة في المسابقة الرسمية هي «عيد ميلاد ليلى» لرشيد مشهراوي، و«أيام الضجر» لعبد اللطيف عبد الحميد، و«حجاب الحب» لعزيز السالمي. بينما يُعرض Cinecitta لإبراهيم لطيّف، و«هل تذكر عادل؟» لمحمد زين الدين ضمن تظاهرة «أضواء من أمكنة أخرى».