شريط نانا الإباحي، «الدّعارة» والزبائن الخليجيّون، الحرب المفتوحة بين أحلام ونضال الأحمدية... كرر طوني مراراً أنّه لا يتعمّد أذيّة أحد، ولا إطلاق الشائعات، لكن هل هذه مواضيع «للنشر» فعلاً يا طوني؟
باسم الحكيم
يواصل طوني خليفة تقديم الموسم الثاني من برنامج «... للنشر» كل مساء سبت على «الجديد»، فاتحاً ملفّات فنيّة واجتماعيّة وسياسيّة ساخنة بأسلوب «جريء». بعدما قرّر مقاطعة البرامج الحواريّة الفنيّة، قبل ثلاثة أعوام، لينأى بنفسه عن خلافات مستعرة طالته شظاياها مع «لمن يجرؤ فقط»... عاد عن قراره ليخوض المعركة بشراسة. راح يبحث عن إرضاء فضول الناس الذين يحبّون «الأكشن» والواقعيّة، ويعشقون التلصّص على حياة الآخرين، مؤمّناً في الوقت ذاته، نسبة مشاهدة عالية لبرنامجه. فإذا كانت الصحافة الصفراء تجذب جمهوراً أوسع، فكيف إذاً حين تتلقّفها الشاشة الصغيرة فتصبح مرئيّةً ومجانيّةً؟
لم يمر على عودة الموسم الثاني من البرنامج سوى أسبوعين... لكنّ الحلقتين تعطيان فكرة كافية عن السقف الذي وضعه طوني لنفسه. في الحلقة الأولى، لم يكتف بتذكير الناس بالفيلم الإباحي الشهير للفنانة نانا، بل صوّر ريبورتاجاً طويلاً مع شريكها في الشريط خليل كرم، الفخور بعمله في مجال الدّعارة. فإذا بالشاشة تتحوّل منبراً لكرم، قال خلاله ما يحلو له من دون حسيب أو رقيب، ثم أجرى اتصالاً بنانا أمام أعيننا ليفضح فيه محبوبته من دون معرفتها بأنّه يتم تسجيل المكالمة... الفضائحيّة بأيّ ثمن إذاً، متجاوزاً كلّ المعايير الأخلاقيّة والقانونية والمهنية؟
الإثارة والتشويق، لن يتوقفا مع طوني عند هذا الحد. بعض الأحداث مثلاً، لا تكفيها حلقة واحدة، ويجب استكمالها في الحلقة التالية. وبعدما فتح هواء برنامجه، من أجل عيون الشاعر رامي يوسف ليستفيض بالحديث عن أوبريت غنائي بعنوان «التضامن مع غزة»، أعطاه الفرصة في تسجيل عبر الأقمار الاصطناعيّة، لاتهام بعض الفنانين بأنّهم طلبوا أجراً مقابل مشاركتهم في الأوبريت. وسرعان ما انهالت بيانات النفي من الفنانين، على رأسهم صابر الرباعي الذي اتصل مدير أعماله مكذّباً في الحلقة نفسها، قبل أن ينشر فضل شاكر ونجوى كرم نفياً للموضوع... ونشر توضيح من كريم أبي ياغي في شركة «روتانا». وأتاح طوني لأحلام أن تدافع عن نفسها، بعدما هاجمتها الصحافة اللبنانيّة واتهمتها بافتعال المشاكل عند وصولها إلى مطار بيروت وإصرارها على فتح صالون الشرف لاستقبالها، ثم التصرف بطريقة غير لائقة مع موظّفي الاستقبال في أحد الفنادق، وشتم الفنانات اللبنانيات ووصفهنّ بالعاهرات. استفاضت أحلام بالدفاع عن نفسها، وزجّت باسم نضال الأحمديّة في لائحة مَن يقودون حملة عليها، الأمر الذي استوجب رداً حاسماً من الأخيرة في الحلقة التالية.
وبحثاً عن مزيد من الإثارة ولا شيء سوى الإثارة، استقبل البرنامج مارك أبي راشد مخرج Help الذي تقوم ببطولته جوانا أندراوس (ابنة النائب أنطوان أندراوس)، بمشاركة ممثلين مغمورين هم: حسين معتوق، خليل الزين، صبحي الزين وإديسون منيع. ومع إبي راشد حضر باخوس علوان المنتج المنفّذ لهذا الفيلم اللبناني الذي تصاحبه ضجّة كبيرة. لم يسعَ طوني خليفة للأسف إلى فتح نقاش جدّي عن الرقابة، بل أراد فقط استثمار الضجّة التي أحدثها الفيلم الذي قرر الأمن العام سحبه من الصالات اللبنانية، بسبب احتوائه على ما سمّي «مشاهد جنسية». وأكمل طوني طرح المواضيع «الجريئة»، فاستقبل صاحبة شركة «فاميليا» دوللي شاهين، التي تهتم بتأمين فتيات لبنانيّات لزبائن خليجيين يبحثون عن زيجة سياحيّة لدى زيارتهم إلى بيروت، وذلك عن طريق الصور ومن دون علم زوجاتهنّ، وهو ما سمّته الضيفة الأخرى المعالجة النفسية، ألطاف عيسى سلطان العيسى، دعارة مقنّعة. هنا أيضاً، أعطى طوني خليفة الوقت الكافي لدوللي المرأة الأرملة، بأن تدافع عن تجارتها، «لدينا ترخيص من الدولة، وزوّجنا 230 شخصاً منذ ثلاث سنوات حتى اليوم».
يكرر طوني أنّه لا يتعمّد أذيّة أحد، ولا إطلاق الشائعات... مشدّداً على ابتعاده عن التلفيق والفضائح، وسعيه إلى الجرأة في الطرح. لكن يبدو أنّ الحدود الفاصلة بين الفضائحية والجرأة تختلط على طوني الذي يؤمّن برنامجه منبراً مجانيّاً للساعين إلى الشهرة والدعاية والفضيحة أو تبرير «خطاياهم» الصغيرة والكبيرة.
ولم يهتمّ الفريق التقني بطريقة التقطيع، فجاء المونتاج مشوّهاً ومليئاً بالأخطاء. نرى مثلاً طوني يشكر ضيوفه أكثر من مرّة. كما يبدو واضحاً أن بعض المواضيع جاء مبتوراً، بفعل أخطاء تقنيّة فادحة.