كل شيء جاهز: الديكور والسيناريو والميزانية الضخمة. لكنّ تصوير مسلسل «الأسباط» الذي يروي سيرة الإمامين ما زال معلّقاً في انتظار موافقة المراجع الشرعيّة
باسم الحكيم
السيناريو جاهز والديكور حاضر ومواقع التصوير مؤمّنة. المخرج بات مستعداً للانطلاق بعدما اكتمل «الكاست» التمثيلي. حتى إنّ شركة الإنتاج رصدت 3 ملايين دولار للعمل، غير أن بدء التصوير معلّق في انتظار موافقة المراجع الشرعيّة.
هكذا، بعدما عيّن موعد بدء تنفيذ مسلسل «الأسباط» الذي يرصد سيرة الإمامين الحسن والحسين (إنتاج شركة «المها» الكويتيّة) بات الأمر اليوم مرهوناً بموافقة المراجع الدينيّة التي ترى أنّ تجسيد الإمامين وأهل البيت وأمهات المؤمنين في الدراما التلفزيونيّة، مسألة ممنوعة إسلاميّاً.
الخبر الذي تناقلته الصحافة بادئ الأمر، تمحور حول مسلسل كتبه السوري محمد اليساري، يروي فيه سيرة حياة حفيدَي النبي محمّد، الإمامين الحسن والحسين، ويبدأ تصويره قريباً بإدارة المخرج السوري عبد الباري أبو الخير. وأوضح المنتج محمد العنزي أنّ «العمل مبني على قاعدة حسن الظن بين الصحابة واحترام أهل البيت، وإظهار مؤامرات اليهود من خلال شخصية عبد الله بن سبأ، ودوره في إثارة الفتنة بين المسلمين». وكشف أنّ «النص يخضع لرقابة جهات دينية وتاريخيّة، ومراجعة أساتذة التاريخ الإسلامي، تمهيداً لعرضه في رمضان المقبل».
وتحدّث القيّمون عن الممثلين الذين سيشاركون فيه: من سوريا والأردن والمغرب وتونس والخليح العربي بينهم سامر المصري في شخصيّة الحسين وسلوم حداد في شخصيّة معاوية بن أبي سفيان ونوّار بلبل في دور شمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين وخالد القيش بدور الخليفة يزيد بن معاوية الذي جرى في عهده حادث مقتل الحسين في كربلاء، إضافةً إلى فتحي الهدواي ومحمد مفتاح.
كلّ هذه الأمور حصلت خلال التحضير للعمل. غير أنّ الموضوع اتّخذ منحىً مختلفاً، وخصوصاً عندما أكّد وزير الأوقاف السوري أنّ وزارته لن تسمح بتصوير العمل في سوريا، «إذا كان سيُظهر وجهَي الإمامين أو أيّ وجه لأهل البيت أو لأحد الخلفاء الراشدين أو أمهات المؤمنين».
واعتمد الوزير في موقفه على فتوى الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي التي لا تجيز ذلك، «درءاً للفتنة وخوفاً من أن يكون هذا مقدّمةً لتجسيد شخصية الرسول». واقترح مفتي سوريا الشيخ أحمد حسّون، اجتماع علماء المسلمين من كل المذاهب «للنظر في الفوائد والأضرار وعرض الموانع الشرعية للأمر، لأن الإمامين يعنيان المسلمين من كل الطوائف».
وتحجّج المنتج العنزي بما وصفه بالخلاف الشرعي، لينجو بمسلسله، مستنداً إلى فتاوى من المراجع الدينية: السيستاني ومحمد حسين فضل الله والشيخ يوسف القرضاوي والشيخ سلمان العودة ومن وزارة الأوقاف الكويتية. ونقل القيمون على العمل عن العلّامة السيّد محمّد حسين فضل الله، أن «الأفضل اجتناب الأمر. وفي حال الضرورة، يجب ألّا يؤدي المسلسل إلى الإساءة إلى شخصية الإمام أو النبي، لأن الناس يأخذون الانطباع بأنّ هذا هو شكل النبي أو الإمام»، معتبراً أنه «ليس هناك تحريم لتجسيد شخصيات أي من الأنبياء أو الأئمة».
وفيما أحال مدير الإنتاج في التلفزيون السوري عماد ياسين النص الذي خضع لرقابته في المرحلة الأولى، إلى اللجنة المعنيّة لبيان الرأي الفني قبل إحالته على وزارة الأوقاف ودار الإفتاء، طلب فك الديكور المركّب قرب دمشق، ريثما تأتي الموافقة النهائية.
أمّا مخرج العمل عبد الباري أبو الخير الذي عمل مساعداً للمخرج حاتم علي، فسيمثّل المسلسل باكورة أعماله الدراميّة. يوضح لـ«الأخبار»: «ننتظر الإجراءات الإداريّة والقانونية والموافقات الدينيّة»، لكنه فضّل عدم الخوض في أيّ تفاصيل بهذا الشأن، «لأن الضجة تأخذ العمل إلى منحىً غير سليم، وأنا كمخرج معنيّ فقط بالجانبين الإبداعي والتقني».
وكان المخرج أبو الخير قد صرّح أن «العمل سيصوّر في قرية قطنا قرب دمشق، حيث بُنيت مدينة كاملة تمثّل المدينة المنوّرة، وفي تدمر حيث تصوّر المعارك وعبور الصحراء، وفي الرقّة حيث الفرات ومعركة حطين».
وكشف المنتج محمد العنزي عن إصراره على التصوير، «فإذا لم نحصل على إذن السلطات السوريّة، سنصوّر في مكان آخر... لأنّ الهدف من العمل إظهار مظلوميّة أهل البيت والتقدير والاحترام للصحابة».
هل سيشقّ مسلسل «الأسباط» طريقه إلى النور، أم أن الفتاوى الشرعيّة ستحول دون تنفيذه؟ وهل سيكتفي المنتج بالموافقات التي حصل عليها للبدء بالتنفيذ، وخصوصاً أنّ الكاتب محمد اليسادي، يخوض ثانية تجاربه مع المنع، بعد توقيف مسلسله «سعدون العواجي» على شاشة «أبو ظبي» في رمضان الماضي. وفي حال تنفيذه، ما هي المحطة التي ستجرؤ على عرضه؟ كلّها تساؤلات برسم الأيّام المقبلة.


«سبط الرسول»

لن يكون مسلسل «الأسباط» العمل الدرامي الوحيد الذي يروي سيرة الإمام الحسين. الكاتب محمد النابلسي (الصورة)، أنجز كتابة «سبط الرسول» في أربعين حلقة بعدما حصل على رضى الجهات الدينيّة في مصر وسوريا، على حدّ قوله. ويصوّر العمل الذي يؤجّل تنفيذه حتى إشعار آخر، جانباً من حياة الإمام الحسين منذ خروجه من المدينة المنوّرة، حتى استشهاده في واقعة كربلاء. وفي جعبة النابلسي أيضاً أكثر من عمل درامي، ستشق طريقها إلى المشاهد في الأشهر المقبلة، بينها: «أحلام وكوابيس»، الكوميديا السوداء «حارة بلد» الذي حصل على موافقة بشأنه من شاشة «المنار»، إضافةً إلى «وادي الشهداء».