بشير صفيرثانياً، لا شك بأنّ ثقافة اللبنانيين والعرب الموسيقية، ومزاجهم ارتبطت بما أبدعه الرحابنة وأوصلته فيروز بصوتها الملائكي الرقيق أو الثوري الغاضب. واجتماعياً، لم يتوحّد اللبنانيون في تاريخهم الحديث مثلما توحّدوا في علاقتهم كشعب مع التوأم الرحباني، فنّان هذا الشعب بامتياز. حصل ذلك رغم عدم وقوف هذا «المارد الفني» على الحياد (في المسرح والشعر) إزاء مواضيع انقسم فيها اللبنانيون (العروبة، القضية الفلسطينية...). والسبب هو صدق التجربة ومتانتها الموسيقية وجماليتها وعفويتها التي توجهت أولاً وأخيراً إلى عمق الإنسان، أي إنسان. ثالثاً، فرضَ غياب عاصي عام 1986 تحولاً في مسار المدرسة الرحبانية. هنا اتجه المسرح الرحباني إلى القصة التاريخية بين «صيف 840» و«عودة الفينيق». أما الموسيقى، فحافظت على مستواها اللائق، لكنّها فقدت عاصي ولم تجد بديلاً. وهذا البديل الذي لم يتوافر في مسرح منصور، وجد طريقه مع زياد إلى أغنية فيروز. وأخيراً، ماذا بعد منصور؟ لعل المسرح الرحباني سيستمر لجهة منصور، خصوصاً مع أسامة . في حين أن المسألة لم تُطرَح أساساً لجهة عاصي، لأن زياد كانت له خياراته المستقلة... لكن، كما لم تجد المرحلة الثانية بديلاً من عاصيها، لن تجد الثالثة بديلاً من منصورها.