مع تصاعد الخطاب الإعلامي المنقسم بشأن العدوان على غزّة، حلّت ليلى خالد ضيفةً على «الجديد» لـ «تخطف» بثورتها الحمراء شحوب المشهد العربي الرمادي
صباح أيوب
«إحنا بدنا نرجع على حيفا ويافا وعلى عكّا ونابلس وغزّة... محرَّرة!»، أن يعلو هذا الصوت الواثق باللكنة الفلسطينية من التلفزيون في زحمة الصور الدموية والتحليلات السياسية الباردة هو سبب كاف لتبرق عيناك مجدداً بالأمل، كمشاهد على الأقلّ. بعد ارتفاع لهجة الأصوات العربية المتضاربة على الشاشات، حلّت المناضلة الفلسطينية عضو المكتب السياسي في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، ليلى خالد ضيفةً على قناة «الجديد» أول من أمس لتعيد الاعتبار إلى الخطاب الإعلامي السياسي ـــ المقاوِم.
بزيّ تقليدي فلسطيني وكوفية عربية، أطلت خالد (68 عاماً) مباشرة من الاستوديو مجيبة عن أسئلة الزميل ماريو عبّود بكلام عقلاني سياسي ولهجة غاضبة ثائرة. الحلقة تضمّنت أيضاً مداخلة لعضو المكتب السياسي في حركة «حماس» محمد نزّال وللمحلل السياسي التونسي برهان بسيّس.
«خاطفة الطائرات» لم تشأ أن تكون «نجمة» الحوار فكانت حازمةً منذ البداية: «لست هنا في صدد الحديث عن عمليات قمت بها». لكنّ ابنة المقاومة التي أفادت من تجربتها الطويلة، تحدّثت بمنطق عما يحصل حالياً في غزة من دون أن تنسى توجيه السهام إلى الأنظمة العربية المتخاذلة. بدايةً، أشهرت خالد «حق الشعوب بالمقاومة المسلحة المنصوص عليه دولياً» متمسّكة بـ «القتال» كوسيلة أساسية للتعامل مع الواقع. كما دعت إلى عدم تصديق الإعلام الإسرائيلي لأنّ «حماس هي جزء من الشعب الفلسطيني والمستهدف اليوم هو الشعب برمّته».
وتمنّت خالد أن تنشئ الفصائل «قيادة وطنية موحّدة مقاومة»، مبديةً حذراً وتخوّفاً من «أن يقوم طرف واحد بالمفاوضات مع مصر وغيرها»، ومحذّرة من «قمع السلطة للمتظاهرين في الضفّة». ولم تسلم مداخلة نزّال من التجاذبات، وخصوصاً بعدما استخلص هو من كلامها أن «اليسار الفلسطيني بات يدافع عن اليمين».
«أنا بدّي أذكّر»، لم تغب هذه العبارة عن كلام خالد التي أصرّت على استحضار محطات تاريخية كثيرة وأقوال قادة إسرائيليين وأميركيين لتدعو إلى «اتّخاذ العبر من تجاربنا مع العدو». الضيفة المسيّسة حتى العظم دقّقت في تفاصيل الخطابات الحالية لتنتقد مثلاً دعوات «وقف إطلاق النار» لا «وقف العدوان» داعيةً الدول العربية إلى اتخاذ موقف واضح. وعن الزعماء العرب «الجالسين في مقاعد المتفرّجين»، لم تجد خالد كلمة مناسبة لوصفهم... فما كان منها سوى تذكيرهم بأنّ «الدماء الفلسطينية هي دماء عربية». المناضلة التي اشتعلت عيناها غضباً أمام اليأس من الدبلوماسية العربية «غير المجدية»، لم يستفزّها السؤال الأخير عن «القبول بإسرائيل»، فأجابت بهدوء وثقة «نحن لسنا هواة دم. لكن لنا الشرف والفخر بأن نكون في مقدّمة المواجهة مع هذا العدو المجرم».