محمد عبد الرحمنلا شكّ في أنّ يوم التضامن الإعلامي مع غزّة فكرة جديدة في العالم العربي، إلّا أنّ هذه التجربة لم تخلُ من الأخطاء والملاحظات التي تؤكد أنّ النيّات الحسنة وحدها لا تكفي. الفكرة بعينها جذبت المشاهد العربي، وخصوصاً مع تقاعس وسائل الإعلام الحكومية عن أداء دور حقيقي في تغطية العدوان، فيما كانت القنوات الخاصة تتنافس على عرض البرامج الترفيهية، لذا انتظر المشاهد دعوة اتحاد المنتجين العرب إلى يوم تتحوّل فيه عشرات الشاشات العربية إلى شاشة واحدة تحت شعار «وطن واحد، إعلام واحد». عند الواحدة من بعد ظهر الجمعة الماضي، بدأ البثّ الموحّد ليواجَه بمنافسة قوية من وقائع قمة الدوحة الطارئة التي نقلتها شاشات عدّة مباشرة تزامناً مع البث الإعلامي الموحّد. وعند الحادية عشرة مساءً، انتهى البثّ وأصدر الاتحاد بياناً أعلن فيه أنّ 55 قناة عربية شاركت في التضامن على ثلاثة أقمار صناعية، إلّا أنّ هذه الأرقام نفسها تحتمل الكثير من النقد، إذ إنّ القمر الصناعي الأكثر انتشاراً في العالم العربي أي «نايل سات» شاركت عليه 18 قناة، ثلاث منها فقط تتمتّع بشعبية بين المشاهدين العرب وهي «دريم» و«الساعة» و«آفاق» فيما باقي القنوات قليلة الانتشار أو شبه غائبة عن الساحة الإعلامية مثل قناة «مودرن» المصرية التي تبث موادّ مسجَّلة منذ الصيف الماضي.
نظرة سريعة إذاً إلى القنوات المشاركة في هذا اليوم تؤكّد فقدان الإعلام الخاص أي رغبة في دخول متاهات الأزمات السياسية، فكل القنوات الخليجية واللبنانية لم تشارك ولو بساعة واحدة من ساعات البث العشر، في الوقت عينه، كان واضحاً أنّ قنوات مصرية مثل «المحور» و«الحياة» أرادت تفادي أي انتقاد ضدّها فتضامنت لساعات محدودة قبل أن تعود إلى بثّها اليومي المعتاد. هكذا، أصبحت «دريم» القناة الخاصّة المصريّة الوحيدة التي انتظم بثها طوال اليوم، بل كانت المركز الرئيس للبث من داخل مصر كما «صانعو القرار» من دبي، و«أفاق» من بغداد. من جهة ثانية، شهد يوم التضامن عدداً من الأخطاء الفنية والتقنية بسبب غياب تنظيم محكم للتنقل بين الاستديوهات، فغاب الصوت والصورة تكراراً عن شاشتي «النيل الأزرق» السودانية و«شبابيك» المصرية و«فلسطين». ومن أكثر النجوم حضوراً في يوم التضامن لطيفة وجمال سليمان ونصير شمة ولاعب كرة القدم حسام حسن، فيما كان إبراهيم أبو ذكري رئيس اتحاد المنتجين العرب الوجه الأكثر حضوراً، مؤكداً أنّ القنوات كلها شاركت دون الحصول على أي مقابل، وأنّ الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمود عباس اتّصل به شاكراً «وخصوصاً أنّ التضامن الإعلامي ابتعد عن أي طائفية سياسية، وركز فقط على إعانة أهل غزة وحشد القنوات العربية للاجتماع لأول مرة من أجل هدف واحد».
وجاء في البيان الصادر عن الاتحاد أنّه جرى جمع تبرّعات بقيمة نصف مليار دولار إلى جانب سيارات إسعاف وتبرعات عينية. حتى إن إحدى السيدات تبرّعت بكليتها لأي مريض غزاوي.