بيار أبي صعب«نظرة إلى ما تنشره صحفنا على امتداد هذا الوطن الكبير، تكفي لتبيان كميات الحبر والورق الضخمة المهدورة يوميّاً». الصحافي والأستاذ الجامعي الذي لا يجامل في تشخيص بؤس الإعلام العربي، خطرت له، بحكم معاناته الميدانيّة، فكرة جهنّميّة: إعادة الاعتبار إلى الصحافة باعتبارها فناً وعلماً، مهنة لها قواعدها وأصولها وتقنياتها ومعاييرها. أراد التذكير بتقاليد كادت تضيع منذ جيل أو جيلين أو أكثر، فكان كتاب «التحرير الصحافي ـــــ دليل عملي» الذي طبعه على نفقة المؤلف. يعود أحمد زين الدين إلى الينابيع، عين على ماضٍ عربي عريق، وأخرى على الإنجازات العالميّة طوال عقود من التراكم. يبدأ من التحديدات (التحقيق، البورتريه، إلخ.)، ويستعرض حالات نموذجيّة صادفها على امتداد خبرته في المهنة محرراً وأستاذاً، ويسوق بعض القواعد والأسس والنصائح، على أساس تصنيف منهجي لأنواع الكتابة وأشكالها وقوالبها وأغراضها...
يتشدّق كثيرون بالحديث عن ريادة الصحافة اللبنانيّة، فيما نظرة متمهّلة إلى المشهد الراهن تنبئنا بحالة انحطاط، على مستوى الشكل والمضمون، الموهبة والأخلاق، المعالجة واللغة، الابتكار الأسلوبي والجهد الاستقصائي والمعرفي والبحثي، ناهيك بالمقدرة على التجدّد ومواكبة العصر. ماذا حدث إذاً؟ ضاعت المعايير في أدغال الإعلام الذي توقف عن أن يكون «رسالة» منذ دهر... ولم يصبح «مهنة» بالمعنى العصري والعلمي. في ظل التمويل الطفيلي الذي يكتفي بمهارة تقنيّة ناقصة، ويعفي من الاحتكام إلى السوق كما يذكّر زين الدين، نسي الجميع أن القاعدة الذهبية، وكلمة السرّ في هذه المهنة هي... «احترام القارئ»!