بشير صفيرعندما فاز عازف البيانو الإيطالي ماوريزيو بوليني بالجائزة الأولى في المسابقة التي تحمل اسم المؤلف البولوني الشهير فريديريك شوبان، كان يومها في الثامنة عشرة (عام 1960). واليوم يعود بولّيني إلى حبّه الأول بعدما بلغ عامه الـ66 ويصدر أسطوانته الجديدة (دويتشيه غراموفون) التي حوت تسجيلاً حياً لمجموعة من الأعمال المتفرقة. أمّا بين الأمس واليوم فمسيرة حافلة بالتسجيلات القيمة التي طالت أبرز المؤلفين الكلاسيكيين الذين كتبوا لآلة البيانو (مع وجود استثناءات أبرزها باخ، المؤلف الذي لم يدخل في اهتمام بولّيني بعد)، وذلك من عصور مختلفة، أبرزها الحقبة الرومنطيقية التي تُعدّ اختصاص بولّيني بامتياز (بيتهوفن، شوبرت، شومان، وشوبان طبعاً).
أبرز هذه التسجيلات كانت لشوبان، حيث سجّل العازف الإيطالي، بالإضافة إلى متفرقات السنوات الأولى في مسيرته (أسطوانة وحيدة عند شركة «إي. أم. آي»)، أعمال كاملة من أشكال تأليفية عدة. هكذا أضاف بولّيني إلى ريبرتواره كما إلى الإرث الموسيقي العالمي في ما يخص أعمال شوبان، تسجيلات كاملة لمقدمات البيانو والتمارين ومجموعة الـ«بولونيز» والـ«سكيرزي» والـ«بَلاّد»، بالإضافة إلى تسجيل للسوناتي البيانو الثانية والثالثة (الذي يمكن اعتباره تسجيلاً كاملاً، إذ إنّ السوناتة الأولى قلّما يهتم بها الموسيقيون) وتسجيل شبه كامل للـ«نوكتورن». ويعود تسجيل الـ«نوكتورن» إلى ثلاث سنوات، ويفصلها عن إصدار بولّيني/ شوبان الجديد تسجيلات لأعمال للبيانو المنفرد أو مع الأوركسترا لبيتهوفن وموزار.
ما هي خصائص هذا التسجيل على مستوى الشكل؟ أولاً، يأتي خيار بولّيني مستغرَباً بعض الشيء، إذ كان من المنتظر، أنّه إذا عاد إلى شوبان ــــ والحال كذلك ــــ سوف يكمل تناوله المنهجي لهذا المؤلف، ليقدّم عملاً كاملاً لم يسجله بعد (الـ«فالسات» والـ«مازوركاس» بالدرجة الأولى) لا متفرّقات من أشكال مختلفة. ثانياً، المتفرقات التي حوتها الأسطوانة الجديدة تقسم إلى قسمين: الأعمال التي نسمعها للمرة الأولى من بولّيني (أبرزها الفالسات الثلاثة من المصنّف 34)، والأعمال التي سبق أن سجلها وهي تصدر اليوم بأداء ثانٍ (أبرزها سوناتة البيانو الثانية والـ«بلاًد» الثانية أيضاً).