بشير صفيرإذا كان للأثر الفنّي من عدوّ، فهو الادعاء. ليس ما يثقل على العمل الفنّي مثل الادعاء. وهناك وسائل وأساليب لتفادي هذا الفخّ. مثلاً أن يجتمع فنانون شباب في فرقة موسيقيّة، ويطلقوا على أنفسهم اسم «غير الكفوئين». لكن ماذا لو كان هؤلاء غير كفوئين فعلاً؟ هذا باختصار ما يعطي الأغنيات الواردة في ألبوم بعنوان «أغنيات إضافية من المدينة المنتصِرة» More Song From The Victorious City (إنتاج خاص/ توزيع «إنكوغنيتو») قيمةً جماليةً مضاعَفة تعود على سامعها بمتعة لا يمكن أن تتحقّق لو حملت توقيع فرقة أخرى، غير «غير الكفوئين».
إنّها فرقة لبنانية، نواتها ثنائيٌ هو سيرج يارد وفادي طبّال، جمع من حوله، لتنفيذ هذه الأغنية أو تلك، كلّ مَن وجد مصادفةً أو عن قصد في حرم الاستوديو الذي يديره طبّال، أو في دائرة صداقة عضوَيْ الفرقة. نتجت من هذه العفوية مجموعةٌ من الأغنيات باللغة الإنكليزية تناولت نصوصها عموماً (كتبها سيرج يارد ووضع ألحانها بالتعاون مع فادي طبّال) العلاقات العاطفية، في حالات الخيبة والألم والخسارة، وذلك بأسلوب أسود ساخر كأصدق وسيلة للتعبير عن ذروة اليأس. أما موسيقياً، فأتت الحصة الأكبر للفولك الأميركي، ولو كانت هناك لحظات تحاكي الروك المستقل وأخرى خاصة. يؤدي سيرج يارد (غناء، غيتار، فلوت، إيقاعات،...) هذه الأغنيات بلكنة فرنسية رغم تمكّنه الكلي من الإنكليزية على مستوى القواعد، ويرافقه شريكه فادي طبّال (عزف على عدد من الآلات، برمجة، مؤثرات...). كما يشارك في المشروع كل مَن تمتع بصوت جميل و/أو صحيح، أو ألمّ بالعزف سابقاً (أو حالياً) على أي آلة وُجِدت في الاستوديو، وصودِف مروره لإلقاء التحيّة «على الشباب» (كرمى طعمة، عبد الله المشنوق، عبد قبيسي، مايلز جاي، لنا ضاهر، ياسمين عياشي، جوزيت خليل، زياد نوفل، رامي صباغ، رجوة طعمة، نقولا معلوف، كارين فرحات ـ سيف...).
العفوية المفرطة في تنفيذ هذه الأغنيات، قابلتها مهنية عالية وإتقان كلّي لناحية التسجيل الصوتي وتصميم الغلاف. التسجيل الأوّلي تولاه فادي طبّال في الاستوديو الخاص به، وعمليات تنظيف الصوت، ووضع اللمسات الأخيرة أنجِز جزءٌ منها في بريطانيا على يدّ اختصاصيّين. أما التصميم المُتقن للعلبة التي حَوَت الأسطوانة (تولته مجموعة من المصمّمين)، فقد سمح بتغيير الغلاف بحسب كل أغنية!
أبرز ما يلفت في هذا المشروع غير الجدي هو أنّه أنجِز بشغفٍ، وكل مَن شارك فيه أعطى كلّ ما عنده ومن قلبه... حتى إنّ عبد الله شرَدَ في ختام الأغنية الأخيرة، فلم يستطِع التوقف عن العزف على الـ «شارانغو»، ما اضطُرّ فادي (مهندس الصوت) إلى نهره، بدل أن يوقف التسجيل من جهته... لأنّه شرَد أيضاً!

www.myspace.com/theincompetents