يفتتح في الحادي عشر من الشهر الحالي محمد عبد الرحمن
الأزمة الحقيقية التي يواجهها «مهرجان القاهرة للإعلام العربي» لا تتعلق بالمشاكل التنظيمية وغياب الرعاة واتهامه بتسييس الجوائز فحسب. ذلك أن المهرجان الذي يستقطب سنوياً عشرات المحطة والإذاعات العربية وأبرز صناع الدراما والبرامج، يعاني منذ البداية «أزمة هوية». فالمهرجانات السينمائية تشرِّع أبوابها لأفلام لم تعرض بعد، والمسابقة الدولية تحرص على مشاهدة لجنة التحكيم للأفلام المشاركة خلال أسبوع على أقصى تقدير. حتى بالنسبة إلى الجوائز التلفزيونية العالمية مثل «إيمي»، فاللجنة الخاصة بها تتابع المسلسلات طوال العام مع الجمهور، ثم تعلن الترشيحات قبل موعد الحفلة السنوية بأسابيع.
لكن الوضع مع «مهرجان القاهرة للإعلام العربي» الذي كان اسمه قبل ثلاثة أعوام «مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون»، مختلف تماماً. إذ إن هدف هذه التظاهرة يبدو مخالفاً لقواعد التحكيم والمشاهدة. فالأعمال التي تتنافس على الجوائز، يجب أن تشارك في المسابقة. بالتالي، لو لم يشارك مسلسل بارز تلفزيوني أو إذاعي لأي سبب كان، فإنه يخرج حكماً من المنافسة على لقب أفضل عمل لهذا العام.
أضف إلى النقطة السابقة، صعوبة لجان التحكيم على متابعة كل الأعمال المشاركة دفعة واحدة. إذ تُختار ثلاث حلقات فقط من كل مسلسل أو برنامج مشارك، ما يعني أن الحكم على المسلسل يكون مجتزأً وقاصراً. ورغم ذلك، فإن إدارة المهرجان لم تحلّ مشكلة «ضيق الوقت»، وها هي لجان التحكيم في الدورة الرابعة عشرة التي تنطلق في 11 الشهر الحالي وتستمر حتى 16 منه، تبدأ عملها قبل موعد الافتتاح بحوالى عشرة أيام. أي إن المهرجان يبدأ، وقد عُرفت الجوائز، ما سيؤثر على معظم فعالياته الرسمية من مؤتمرات وندوات. يضاف إلى ما سبق أن كل الأعمال المشاركة شاهدها الجمهور، وكتبت عنها الصحافة. بالتالي، ستستخدم الجوائز للردّ على النقاد الذين هاجموا المسلسل أو العكس. ومن هنا، ستتكرر ظاهرة اعتراض الفنانين على الجوائز، وكان آخرها ما حدث العام الماضي عندما أعاد يحيى الفخراني جائزة أفضل ممثل إلى اللجنة، بعدما نشرت الصحف أن الفائز الأساسي بها كان تيم حسن (عن «الملك فاروق»)، لكن الفخراني حصل عليها مناصفة (عن «يتربى في عزو»)، تقديراً لاسمه فقط.
إذاً، ماذا تحمل الدورة المقبلة لمهرجان «فقد شرعية منح الجوائز»؟ الجديد هذه المرة هو فقدان التظاهرة لبعض «الامتيازات» التي حصل عليها العام الماضي، عندما نجح وزير الإعلام المصري أنس الفقي في الحصول من الرعاة على تمويل، يسهِّلُ إقامة الفعاليات في فندق شهير في مدينة نصر. لكن المهرجان هذا العام عاد إلى العزلة في مدينة الإنتاج الإعلامي، ما يتطلب من أي صحافي يريد تغطية الفعاليات يومياً، أن يقتني سيارة خاصة. وإذا نجح في الذهاب إلى هناك لأربع ساعات يومياً، فإنه لن يتمكن من متابعة أي شيء آخر بقية اليوم. ومع ذلك، قرر بعض صحافيي الجرائد المحلية ومراسلي الصحف العربية التي تشارك بلدانها بقوة في المهرجان، الذهاب لمتابعة أعمال لجان التحكيم التي بدأت أول من أمس. لكنهم فوجئوا بمنعهم من التغطية، مع أن من المفترض امتناع أعضاء اللجان عن تسريب الجوائز، لا منع الصحافيين من الحضور. وفي اليوم الأول أيضاً للجنة التحكيم، اكتشف منظمو المهرجان أن الوصول إلى المدينة ليس بالأمر السهل، فتقرر تغيير موعد بدء عمل اللجان ليصبح في الثانية عشرة ظهراً وينتهي عند الثامنة مساءً، وذلك بعد اكتشاف أن فوزي فهمي، المشرف على كل لجان التحكيم، لم يصل في الوقت المناسب بسبب أزمة مرورية! أما أحمد أنيس، الأمين العام للمهرجان، فأكد أن جوائز المناصفة التي قدمت سابقاً، كانت في أغلبها لأسباب سياسة، معلناً أن جوائز المناصفة ستختفي في الدورة التي ستبدأ بعد أيام.
وجهات الإنتاج المصرية، تأخرت كالعادة في إعلان المسلسلات التي ستمثلها في المسابقات المختلفة، رغم أن هذه الجهات يجب أن تختار من بين الأعمال التي عُرضت في رمضان الماضي، أي كان لديها متسع من الوقت لتقويم الأفضل. وكما كان متوقعاً، ستدخل هذه الجهات الإنتاجية مع عدد كبير من المسلسلات. إذ يشارك «قطاع الإنتاج» بعشرة مسلسلات، و«صوت القاهرة» بـ14 مسلسلاً. والهدف تجنب غضب أبطال الأعمال، وضمان الفوز بنسبة معقولة من الجوائز، وهو ما يتكرر على مستوى المهرجان، فلا تخرج أي دولة عربية مشاركة من دون جوائز.
فيما أعلنت إدارة المهرجان رفع قيمة جائزة نجيب محفوظ لسيناريست عربي عن مجمل أعماله إلى 50 ألف جنيه (حوالى 9 آلاف دولار). وأكدت استمرار المهرجان في موعده الحالي على الأقل لثلاث سنوات مقبلة، بعدما كان يقام حتى العام قبل الماضي في تموز (يوليو).


وجوه وأسماءومن أبرز المسلسلات المشاركة «أسمهان» و«قصة الأمس» و«راجل وست ستات» و«الفنار» و«العنكبوت» و«كلمة حق» و«الهاربة»، إضافة إلى عشرات البرامج «دارك» («أبو ظبي») و«دولارات وسيارات» («الجديد»). وبخلاف العام الماضي، خصصت إدارة المهرجان 12 جائزة للدراما التلفزيونية وتراجعت عن قرار طُبِّق لعام واحد فقط، كان يقضي بعدم التفرقة بين أنماط الدراما التلفزيونية المختلفة، إضافة إلى ست جوائز للأعمال الإذاعية، ولجنة مستقلة لجائزة نجيب محفوظ، ولجنة خاصة بالإعلانات.
لمزيد من المعلومات، يمكن زيارة موقع المهرجان على العنوان الآتي: http://www.egyptradio.tv/festival/14/index.asp