بين «مجنون ليلى» و«ورود ممزقة»باسم الحكيم
انتهى شهر رمضان وانتهت معه المسلسلات. غير أن استمرار عرض LBC للحلقات الأربع الأخيرة من الدراما الاجتماعيّة التشويقيّة «ورود ممزقة» (كتابة طوني شمعون وإخراج إيلي معلوف وإنتاجه)، ثم رهان مروان حداد، منتج المسلسل التاريخي «مجنون ليلى» (كتابة كلوديا مرشليان وإخراج سمير حبشي) على عرضه فضائيّاً في الأسابيع المقبلة، بعد انتهاء عرضه قبل يومين على شاشة «المستقبل»... كل ذلك يشير إلى أن المسلسلات اللبنانية تحاول فرض حضورها على المشهد، بعدما وضعت «المستقبل» وLBC هذه الأعمال في أولويّة برمجتهما الرمضانيّة. علماً بأن المحطة الثانية اكتفت بالعرض الأرضي فقط، على اعتبار أن قناتها الفضائيّة تتوجه أساساً للمشاهد الخليجي، والسعودي خصوصاً. ولكن، هل اجتاز «ورود ممزقة» و«مجنون ليلى» امتحانهما الدرامي الرمضاني الأول؟
بعد «دعسة ناقصة» لـ LBC في رمضان الماضي مع سلسلة «حواء في التاريخ»، تمكنت «المؤسسة اللبنانية للإرسال» من تحقيق حضور جيّد على الساحة المحلية مع «ورود ممزقة»، وخصوصاً أنه يضم حشداً من الممثلين اللبنانيين، بينهم فادي إبراهيم وعلي الخليل ونهلا داوود وباسم مغنية ويوسف الخال وفيفيان أنطونيوس وهند باز ومازن معضم. بينما لم تتمكن حلقات «مجنون ليلى» من البروز، لأن «الظروف» لم تسعفها. فمن سوء حظ هذا العمل الذي تتوزع بطولته بين ريتا برصونا ويورغو شلهوب ومحمد إبراهيم ورنده الأسمر وأنجو ريحان وشادي حدّاد... أن توقيت عرضه يتزامن مع العرض الحصري لـ«باب الحارة» على mbc من جهة، ويسبق بساعة بثّ الملحمة التاريخيّة «صراع على الرمال» على «دبي» من جهة ثانية. ما عرَّضه حتماً للمقارنة مع مسلسل حاتم علي الذي كلّف حوالى 6 ملايين دولار.
أما لجهة المضمون، فقد استطاع «ورود ممزقة» تقديم حبكة دراميّة جذّابة بعض الشيء، نجحت في تحقيق نسبة مشاهدة جيدة. وعلى رغم أن المخرج إيلي معلوف يصرّ على أن حوادث الاغتيال والصدف غير المنطقية الكثيرة في المسلسل، حاضرة بقوة في مجتمعنا، انطلاقاً من حوادث الخطف والقتل وعدم الاستقرار الأمني في بعض المناطق اللبنانية... فإن الأحداث جاءت فعلاً بعيدة عن الواقع. وبينما يسجّل لإيلي معلوف كمنتج سخاءه في الإنتاج وتعدد مواقع التصوير وجمع أكبر حشد من الممثلين، يؤخذ على المسلسل الأداء المبالغ فيه للممثل علي الخليل، وإن كانت عفوية أداء كل من نهلا داوود وفادي إبراهيم وباسم مغنية ويوسف الخال، قد عوّضت قليلاً.
من جهة ثانية، لا يُعدّ سوء توقيت عرض «مجنون ليلى»، العامل الوحيد وراء عدم سطوع نجم العمل التاريخي. فهناك أيضاً الفقر في الصورة والضعف الإنتاجي المبالغ به. فالشركة المنتجة ترى الكومبارس مسألة ثانوية. لذا، اكتفت، كما في حلقات «حواء في التاريخ» في العام الماضي، بالممثلين الرئيسيين في القبيلة التي يفترض أن تزخر بالناس والخيم. ومن هنا أيضاً، اكتفى المخرج سمير حبشي بأخذ لقطات قريبة للممثلين، لسد ثغرة الميزانية الضعيفة التي جعلت معظم المشاهد شبه فارغة إلاّ من ناقة أو ناقتين، ومن نخلة أو اثنتين. كما أن المنطقة التي صوّر فيها، لم تساعد على الخروج بعمل جيد: فالصحراء ليست بصحراء، والإضاءة خافتة جداً إلى حد أن وجوه الممثلين بالكاد ظهرت في مشاهد كثيرة، وخصوصاً أن المخرج صوّر النسبة الأكبر من عمله في الليل، بسبب ارتفاع درجات الحرارة نهاراً في منطقة عيون السيمان. أما لجهة السيناريو والحوار، فإن كلوديا مرشليان أرادت تقديم حكاية ليلى العامريّة في سياق «حواء في التاريخ». وكانت الفكرة الأولى أن تقدّم السلسلة بثلاثيات عن النساء، قبل أن تقرّر الجهة المنتجة زيادة عدد الحلقات بهدف التوفير، ما أفسد السلسة وجعل أحداثها بطيئة زيادة عن اللزوم. وعلى رغم ذكر اسم الخليفة عبد الملك بن مروان، أكثر من مرّة على ألسنة الشخصيّات، على اعتبار أن المهديّ (والد ليلى) قصده ليطلب منه أن يأمر بإهدار دماء قيس بن الملوّح... ظل بلاطه بعيداً عن العمل الذي استمر تصويره حتى بعد منتصف رمضان.


قيس وليلى

لعل أبرز النقاط الإيجابيّة التي ميّزت «مجنون ليلى»، تمثلت في خيال الكاتبة كلوديا مرشليان التي استطاعت رسم حبكة على مدار ثلاثين حلقة معظمها من بنات أفكارها، معتمدة على القصائد التي كتبها الحبيبان قيس وليلى. إضافة إلى التقدم الواضح في امتحان الفصحى لريتا برصونا، بعد تجربتها المتواضعة في «إليسار».
ويسجّل للعمل تقديمه مقدمة غنائيّة مميّزة كتبها علي مطر ولحنها زياد الأحمديّة، وهو وضع أيضاً بقيّة الفواصل الموسيقيّة. في المقابل، سقط أكثر من ممثل في فخ الأداء المبالغ به: يورغو شلهوب ذكّرنا أحياناً بأدواره الكوميديّة، وشادي حدّاد اعتمد المبالغة الزائدة في أكثر من مشهد، بينها ذلك الذي يودع فيه حبيبته، فيما غاب الإحساس عن أداء يوسف حدّاد في مشاهد عدّة.

العودة إلى الماضي


انتقد بعضهم كثرة مشاهد «الفلاش باك» في «ورود ممزقة»، وقد زاد عددها بشكل ملحوظ في الحلقات الأخيرة. ولو حُذفت، لما تجاوز المسلسل الـ30 حلقة، ولما اضطرت LBC لاستكمال عرضه بعد رمضان.
الأحد والاثنين 20:50 على LBC