معلومات مكثّفة وصور حيّة ومؤثرات خاصة ورسائل مشفّرة: قررت «الجديد» أول من أمس فكّ لغز «مجموعة الـ13»، فضيّعت المُشاهد وأعادته إلى نقطة الصفر
صباح أيوب
ما زال أيّ إعلان عن حلقة خاصة أو تحقيق تلفزيوني أو مكتوب يتعلّق بقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، يلقى آذاناً صاغية وعيوناً مترقبة تتابع بحشرية ما الجديد الذي سيظهر في هذا الملف. ولعلّ قناة «الجديد» هي المحطة المحلّية الوحيدة التي اعتمدت أسلوب التقصّي والتحقيق الميداني بشأن هذه القضية، منذ حلقات فراس حاطوم الشهيرة عن «الشاهد الملك» وصولاً إلى «صدفة الـ13» الذي عرض أول من أمس. هذا التقرير الأخير (إعداد كرمى خيّاط ـــــ إخراج ربيع نخلة) تمحور حول أعضاء «مجموعة الـ13»، واعتمد على محاضر تحقيقات فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني، وعلى معلومات خاصّة استقتها المُعدّة من بعض المقابلات، ومن المقرّبين من أعضاء هذه المجموعة.
تبع الشريط التلفزيوني مسار التحقيق الذي بات معروفاً (كانت «الأخبار» قد نشرت سلسلة عن «مجموعة الـ13» في تشرين الأول/ أكتوبر 2007)، فانطلق من ظهور أبو عدس وانتقل إلى أفراد المجموعة التي أحاطت بمتبنّي عملية اغتيال الحريري. دخلت خيّاط إلى المباني حيث الشقق السريّة التي كان أعضاء المجموعة يشغلونها، وحصلت على رسائل مشفّرة بخط أيديهم، محاولةً فكّها. كما قابلت بعض أقربائهم وجيرانهم... ومع ذلك، فشل الشريط في أمرين: فهو أولاً لم يقدّم أي جديد، على مستوى المعلومات، للعارفين والمتابعين لتطورات القضية. أما بالنسبة إلى المشاهد الذي لم يطّلع على أخبار التحقيق ومساره... فلم يفهم شيئاً من المعطيات! وعلى الرغم من كثافة المعلومات وإرفاق المضمون بصور حيّة ومشاهد تمثيلية ومؤثرات خاصة، وجد هذا المشاهد نفسه أمام كمية هائلة من الأسماء والأماكن والتحليلات وفكّ الرموز... فاختلطت عليه الأمور. ولم يبق في ذهنه، بعد نهاية الحلقة، سوى مشهد أبو عدس في إطلالته التلفزيونية الأولى، يعلن تبنّيه عملية الاغتيال. هكذا، وبعد حلقة دسمة، استغرقت حوالى أربعة أشهر من الإعداد، عاد المشاهد «العادي» إلى نقطة الصفر، وفضّل الاحتفاظ بما لديه من معلومات و... انتظار نتائج التحقيق الرسمي!
فهل التعقيدات التي تشوب ملف اغتيال الحريري هي السبب الرئيسي في فشل معظم المحاولات الإعلامية للتقصّي والاقتراب من فهم الموضوع؟ أم أنّ «الرياح السياسية» ـــــ كما ختمت خيّاط تحقيقها ـــــ تهبّ دائماً لتعكّر الصورة وتغيّر كل شيء؟ وهل من جدوى لمحاولة ثانية وثالثة...؟