لماذا ألغت «المنار» أغنيات مسلسل صابرين؟ ولماذا حذفت مشهد الاغتصاب ووضعت أكماماً مستعارة على أذرع الممثلات؟ ولماذا اشترته أصلاً؟ وكيف تردُّ على المخرج خالد بهجت الذي اتهمها بـ«تشويه صورة العمل»؟
باسم الحكيم
أثار حذف قناة «المنار» مشاهد عدّة من مسلسل «الفنار» (من تأليف مجدي صابر وبطولة صابرين وطارق لطفي وأحمد راتب)، ووضعها بعض التعديلات على النسخة التي تعرضها يوميّاً في رمضان بما يتلاءم مع توجهاتها، حفيظة المخرج خالد بهجت. مقصُّ الرقيب في المحطة، لم يقتصر على المقدّمة والخاتمة الغنائيتين، ولا على الأغنيات التي يتضمنها المسلسل. وهي أغنيات ترصد هجرة الشباب المصري إلى إسرائيل، واستقراره هناك وزواج بعضه بإسرائيليات... بل امتد أيضاً إلى مشاهد عدّة، أبرزها مشهد اغتصاب «توحة» التي تؤدي دورها الممثلة إيمي. علماً بأن المخرج يؤكّد أن «المشهد نفّذ بطريقة لا تسبب اشمئزازاً، وهو ضروري للبناء الدرامي»، وفق ما ذكر في جرائد مصرية. كما وضعت القناة أكماماً مستعارة على «أذرع» الممثلات «بطريقة مشوهة، مما أضر بالصورة النهائية وأربك المشاهد». وانتقد أيضاً حذف أسماء الممثلين الذين بات «من حقهم رفع دعوى ضد القناة للمطالبة بحقوقهم»...
فما هي تفاصيل القصة، وكيف تردّ القناة اللبنانية على كل ذلك؟
قبل أيّام من حلول الموسم الدرامي، قرّرت «المنار» تعديل التوقيت الذي عيّن لعرض «الفنار» عند 21:20، وبرمجته بعد منتصف الليل، نظراً لما يحويه من مشاهد لا تليق بسياستها. في هذا الوقت، كان لا بدَّ من إجراء بعض المونتاج والميكساج واستبعاد المشاهد التي لا تتوافق مع توجهات قناة المقاومة. وفي اتصال مع «الأخبار»، استغرب مصدرٌ في المحطة ــــ طلب عدم ذكر اسمه ــــ الضجة التي أثارها مثل هذا الأمر الذي تحرص «المنار» على القيام به منذ انطلاقتها، مشدداً على أن «أمراً طبيعيّاً أن تختار «المنار» أعمالاً دراميّة تتوافق مع ضوابطها الأخلاقيّة والشرعيّة التي تحرص على مراعاتها. إضافة إلى الرسالة والأهداف التي تحض على تطوير الحالة المعرفيّة لدى المشاهد وليس من أجل الترفيه غير الهادف... وهذا ما يحكم شراءنا لأي عمل». ويستدرك: «نحن حريصون على الدقّة في المونتاج، وقبل ذلك حريصون على اختيار الأعمال التي تتلاءم مع توجهاتنا. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، نرسل فريقاً لمتابعة جلسات التصوير والاطّلاع على السيناريو». ويشير إلى «أننا نعمد إلى حذف أي مشهد لا يراعي الأخلاق العامة. لذا، فمن الطبيعي أن نستبعد مشهد الاغتصاب، وإن كان المخرج يؤكد أنه نُفّذ بطريقة لا تثير الاشمئزار. ذلك أن فئة معيّنة من الجمهور، وخصوصاً مشاهدي «المنار»، لا يتقبّلون مثل هذه المَشاهد». ويضيف موضحاً: «نراعي الوحدة المشهدية المتراصة، وعدم الإساءة إلى الإطار الدرامي للعمل، لكي لا يبدو مفكّكاً وضعيفاً. كما أن الفريق الذي يشاهد هذه الأعمال في القاهرة، يحرص على شراء الأعمال التي لا تتضرر إذا ما اقتطع منها المشاهد التي نرفض عرضها».
ويستغرب المصدر مناشدة مدينة الإنتاح الإعلامي لما سمّاه المخرج بـ«وقف المهازل»، كاشفاً أنها «ليست المرّة الأولى التي نتعامل فيها مع المدينة، والجهة المنتجة تدرك جيّداً أن المحطة، تستبعد أي مشهد لا يراعي الضوابط الشرعيّة التي تضعها».
وماذا عن اتهام المخرج للمحطة بأنها «أباحت لنفسها تقطيع العمل، كيفما تشاء من دون الرجوع إلى القائمين عليه، على رغم تأكيدهم شراء العمل من مدينة الإنتاج الإعلامي، وعدم التدخل في المونتاج والميكساج من دون الرجوع إلى مخرجه»؟... ثم ما هو رأي المحطة أيضاً بقول خالد بهجت إن بإمكانه عدم إرسال ما بقي من حلقات المسلسل إلى القناة، لكنه لن يفعل ذلك بحجّة أن «أخلاقي لا تسمح لي بتغيير كلمتي والرجوع عن وعودي»؟ يستبعد المصدر صدور هذا الكلام عن المخرج، «فهو بحاجة إلى تدقيق»، لكونه قد أُبلغ بتعديلات «المنار» على مسلسله، واكتفى بالطلب بـ«ألا تكون مساحة الحذف كبيرة». ويتهم المصدر كاتب المقال بمحاولة «خلق نوع من الإثارة وبعدم الموضوعيّة مطلقاً، ويضعه في خانة استكمال الهجوم على القناة، وتصويرها على أنها قناة متخلّفة ورجعيّة».
وسط كل ذلك، يبقى السؤال أخيراً: لماذا لا تلجأ «المنار» إلى شراء الأعمال التاريخيّة أو الدينيّة بدلاً من شراء الدراما الاجتماعيّة، تجنباً لاجتزاء مشاهد منها، ولاحتجاحات جهات الإنتاج والمخرجين؟ يشرح المصدر بأن «كل عمل درامي فيه مشاكل بالنسبة إلينا، والدراما الدينيّة قد تحمل مشاكل في مضمونها».
وهل الدخول في الإنتاج قد يجنّب المحطة الدخول في متاهات المونتاج والاعتراضات؟ يشير «أننا أقدمنا على هذه الخطوة من خلال مسلسل «كشكول لكل مواطن» مع صابرين أيضاً»، ويرجّح أن «عدم دخولنا شريكاً في الإنتاج هذا العام، سببه مشاكل تقنيّة أدت إلى عدم التوافق مع أي جهة إنتاج، لكن مبدأ الإنتاج موجود دائماً ونحبّذه».

00:30 على «المنار»