بعد لوحة ساخرة عرضت مساء الأحدمنار ديب
منذ سنوات، صار «بقعة ضوء» أحد البرامج الرمضانية الأكثر شعبية، وخصوصاً في سوريا. وهو يعود هذا الموسم بعد توقفه لموسمين، ومع عودة لبطليه الرئيسيين أيمن رضا وباسم ياخور، وبتوقيع المخرج الشاب سامر برقاوي. وهو الذي سبق له أن عمل مساعداً مع الليث حجو الذي أخرج ثلاثة من أجزاء العمل الخمسة. هذا العام، ومع الجزء السادس، نستعيد شيئاً من هوية العمل: الكوميديا التي لا تكتفي بالإضحاك بل تتمتع بروح نقدية ساخرة، وتتناول القضايا الأكثر سخونة بالنسبة إلى المواطن. ويشارك في اللوحات عدد كبير من الممثلين السوريين، يؤدون الأدوار المختلفة التي تكشف عن بعدهم الكوميدي الذي لا نراه عادة. وهناك أيضاً، وجوه كوميدية قلما تجد الفرصة للتعبير عن إمكاناتها في هذا اللون الفنّي الصعب، نظراً إلى محدودية الإنتاج في هذا الحقل، كأندريه سكاف ونضال سيجري ومحمد حداقي وجمال العلي... وكل ذلك بالاستناد إلى نصوص متنوعة، يكتبها عدد من الكتاب المتغيرين باستمرار، معظمهم من الشباب.
كثيراً ما عاب بعضهم على «بقعة ضوء» مبالغاته، ونزوعه إلى التهريج. وعلى رغم أن بعض اللوحات تقوم على فكرة أو نكتة بسيطة، يمس عدد كبير منها بأسلوب ذكي قضايا تشغل المواطن السوري والعربي. وفي الجزء السادس من «بقعة ضوء»، تطرح مشكلات كارتفاع أجور المواصلات بعد رفع سعر المحروقات، والغلاء خصوصاً في المواد الأساسية، وهيمنة أصحاب النفوذ من المسؤولين وتجاوزاتهم... وفي لوحة تحمل اسم «اعتصام» كتبها مازن طه، يضرب عمال مصنع في القطاع الخاص عن العمل لزيادة أجورهم، وهي حالة غير شائعة في الواقع، (وهذه اللوحة بثتها الفضائية السورية كاملة خلافاً للوحات أخرى «قطشت» منها). صاحب المعمل الذي يبدو أنه يملك كل شيء في البلد، يستجيب ويزيد الأجور. لكنه في المقابل يرفع أسعار منتجاته الكثيرة... إلا أن هذه الجرأة تفرغ من مضمونها، حين نكتشف أن «الأستاذ» هو من يقف خلف الاعتصام ليرفع الأسعار.
أما أخيراً، فقد أثارت لوحة «كرت عزيمة» التي عرضت الأحد وكتبتها رنا الحريري، ردود فعل من قبل إدارة الأمن الجنائي التابعة لوزارة الداخلية التي رأت فيها سخرية من عناصرها، كما نقل موقع «سيريا ستيبز» السوري الخاص. ووصل الأمر إلى حد الإعراب عن نية الإدارة برفع دعوى ضد القائمين على العمل، فيما أكد مصدر من شركة «سوريا الدولية» المنتجة للمسلسل، في اتصال مع «الأخبار» أمس، عدم تلقيهم لأي شيء رسمي بهذا الخصوص. ولوحظ أن موقع Syriasteps قد نشر في صفحته الرئيسية خبراً آخر يقول «رغم أنها ما زالت محدودة... في دمشق: سرقة المتاجر والمساكن تتراجع»، علماً بأن اللوحة التي أثارت هذه الزوبعة، تصوّر حادثة سرقة سيارة يتعرض لها أحد المواطنين، فيطلب مساعدة الأمن الجنائي التي تظهر من خلال ضابط يتكلم لهجة بدوية (في خلط يقع فيه المسلسل باستمرار بين اللهجات البدوية والحورانية ولهجة الجزيرة واللهجة الخليجية). يقدَّم الضابط (باسم ياخور) بصورة ساذجة تقترب من الكاريكاتور، مع شارب كثيف، وألوان فاقعة للملابس، ومسبحة كبيرة، في تأكيد على الهوية الريفية للرجل. وهو أمر سبق أن قدمته «بقعة ضوء» في لوحة قديمة، لكن مع ضابط أكثر سذاجة يتكلم لهجة الساحل. وقد يندرج الأمر في إطار فوقية مدينية، نظراً لأن معظم من يعملون في هذا السلك هم من أصول ريفية. في لوحة «كرت عزيمة»، يحدق رجال الأمن في زوجة المجنى عليه (سوسن أرشيد) بطريقة ترعبها، وكأن هؤلاء هم من المكبوتين غير المتحضرين، ويؤكد ذلك شرههم للطعام في أحد المشاهد. باختصار، اللوحة المذكورة لا تقول شيئاً، ولا تتجاوز كونها ضرباً من السخرية الصبيانية من فئات اجتماعية ولهجات، اعتاد المسلسل أن يتعامل معها بخفة... فما لزوم أن تكون اللهجة البدوية هي السائدة في عدد من اللوحات دون وجود مبرر درامي؟ أما انتقاد نقص الكفاءة لدى جهاز حكومي، فيحتاج إلى معالجة أكثر جدية وصدقية، علماً بأن Syriasteps أشار أيضاً إلى أنه يتم حالياً، إعداد مذكرة بشأن تناول الأمن الجنائي بتلك الطريقة في العمل، لعرضها على مجلس الوزراء.

18:30 على «المنار»/ 19:30 على الفضائية السورية


كوميديا... سوريّة

رغم شعبية هذه الأعمال ورواجها، تبدو الدراما السورية مقلّة في اللون الكوميدي، طاقات تمثيلية عدة ينتظر منها الكثير في هذا اللون، فهل هي أزمة نص؟ هذا الموسم، وبخلاف «بقعة ضوء»، نقابل الوجه الكوميدي لبسام كوسا في «حارة عالهوا» الذي كتبه وأخرجه رافي وهبة. وهناك «هيك تجوّزنا» الذي اقتصر عرضه على القناة الأرضية الثانية للتلفزيون السوري حيث نلتقي مع مواقف كوميدية تثيرها قصص غرامية ومشاريع ارتباط، بمشاركة جومانة مراد وأيمن رضا وباسم ياخور وسلاف فواخرجي. أما «رفيف وعكرمة» (على «إنفينيتي»)، وهو من تأليف عبد المجيد حيدر ومحمد أبولبن وإخراج مأمون البنّي، فنحن على موعد مع مفارقات الحياة الزوجية للثنائي رفيف (يارا صبري) المرأة العصرية التي تعمل في شركة للوساطة، وعكرمة (مازن الناطور) المدرِّس المثالي


أيمن رضا