موقع إلكتروني لا يعترف بالمحرّماتليال حداد
ليس صحيحاً أن الإعلام الإلكتروني لا يجذب القارئ العربي. وليس صحيحاً أيضاً أن هذا الإعلام غير قادر على تحقيق تغيير في المجتمع... هذا على الأقلّ ما يؤمن به فريق عمل موقع «منصات» (menassat.com)، المتخصص بـ«نقل واقع الإعلام العربي». بين 52 ألف و70 ألف زائر شهرياً يدخلون الموقع، وأكبر نسبة من الزوار هي من الولايات المتحدة الأميركية، كما تؤكّد محررة القسم العربي ريتا باروتا.
اختار «منصات» بيروت مقراً له، لينشر منها مواده عن انتهاك حقوق الصحافيين، ومعاناتهم في العالم العربي. لم يكن اختيار العاصمة اللبنانية عبثياً، فهنا لا رقابة حقيقية أو انتهاكات «واضحة» بحقّ الصحافيين: «لم يكن باستطاعتنا أن نفتح في مصر حيث الرقابة الحكومية، أو في العراق، إذ كنا سنتعرّض في أفضل الأحوال إلى تفجير يستهدفنا، وطبعاً ليس في سوريا»، تقول باروتا. والحديث عن سوريا والرقابة يتخذ بعداً آخر مع «منصات»، إذ لم يمض أسبوعان على إطلاق الموقع حتى حجبته الجهات الرسمية، «ولكن حتى اليوم لا يزال بالإمكان تصفّح الموقع من خلال برامج فكّ الحجب».
وقد اتخذ الموقع صيغته الحالية كمتخصص بقضايا الإعلام العربي في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بتمويل مباشر من وزارة الخارجية الهولندية. ولكن هل تتدخّل هذه الوزارة في تحديد سياسة «منصات»؟ تجيب باروتا: «لا تدخّل مباشراً في أيٍّ من المواد أو في فرض مواضيع على المراسلين. علماً بأن كل مشاريع الدول لها أهداف بعيدة المدى». وأبرز دليل على ذلك هو التعاطي مع موضوع فيلم «فتنة» الهولندي، والضجة التي أثارها في العالم العربي. إذ لم يواجه الموقع أي مشكلة في الكتابة عن الموضوع، وخصوصاً أنه أخذ في الاعتبار كل الأطراف الموالية والمعارضة للشريط.
يعمل حالياً في الموقع 43 مراسلاً من مختلف أنحاء العالم العربي، وقد استطاعت «منصات» أن تبني مع هؤلاء علاقة «جعلتهم ينتمون إلى الموقع، من دون أي حوافز مادية أو مصالح». عددٌ منهم مقموع في دولهم، وهو ما جعلهم يجدون في «منصات» المتنّفس الوحيد لهم، للتعبير عن رأيهم ولإظهار الانتهاكات التي يتعرّض لها الإعلام في هذه الدول. هنا أيضاً، لا تدخّل في تغيير أي عبارة من العبارات التي ترد في نصوص المراسلين، كما تؤكّد باروتا، بل «نقترح عليهم بعض التعديلات، إذا كان السقف عالياً جداً». ولكن إذا أصرّ المراسل على رأيه، «يبقى الموضوع كما هو من دون تحرير أو تغيير، ولكن يجب الحفاظ على الحياد، فأنا شخصياً لا أؤمن بالموضوعية بل بالحياد. لذا، يجب على الكاتب ألا يكون لديه مبدأ مسبق عن أي موضوع».
وهذه النقطة تحديداً تدفع بـ«منصات» إلى الوقوع في بعض الثغرات، ذلك أن أسلوب الكتابة ليس صحافياً في كل المواضيع، وخصوصاً أن المراسلين ليسوا جميعاً محترفين أو أصحاب خبرة. أما بالنسبة إلى أسلوب الاقتضاب وتقديم المعلومات الأساسية الذي ينتهجه الموقع، فهو ليس مناسباً أحياناً. إذ إن عدداً من المواضيع يحتاج إلى تفصيل أكبر، تماماً كما حدث مع موضوع فادي أبو سعدى عن «تعاطف الصحافيين الإسرائيليين مع الإعلاميين الفلسطينيين».
ولعلّ المحطة الأبرز في مسيرة «منصات» حتى اليوم، كانت أحداث بيروت في 7 أيار (مايو). إذ تحوّل آنذاك إلى مدوّنة لنقل أخبار الصحافيين على الأرض، وأصبح مصدر المعلومات لأبرز المنظمات والوكالات مثل «أ ف ب» و«مراسلون بلا حدود». ويقول المسؤول عن الصفحة الإنكليزية جاكسون ألرز، إن الأهمية التي اكتستبها «منصات» في أحداث أيار سببها تحويل الصحافي نفسه إلى الخبر، بسبب المتابعة المستمرة لأوضاعهم.
من جهة ثانية، يعمل الموقع حالياً على تفعيل دوره على الساحة الإعلامية، وهو ماضٍ في تأسيس ما يعرف بمجتمع «منصات»، أي منبر يتناقش فيه الإعلاميون، ويعطون رأيهم في كل المواضيع بحرية تامة ومن دون رقابة. وكان تعاون «منصات» قد بدأ على نطاق ضيق مع المنظمات والجمعيات التي تعنى بشؤون الإعلام في لبنان، ولا سيما «مهارات» و«نحو المواطنية».


الخطوط الحمراء

استطاع «منصات» أن يخترق أبرز المحرمات في المجال الإعلامي العربي. وجولة سريعة على المواد المطروحة في الموقع، تظهر غياب الخطوط الحمراء، بخلاف ما هو سائد في الإعلام العربي. أضف إلى ذلك أن شكل الموضوع وإخراجه، هما جديدان. طرح الموقع واقع الصحافيين ومعاناتهم من دون أن يتعرّض لأي مضايقات واضحة من السلطات الرسمية. إلا أن متابعة «منصات» للواقع الإعلامي لم يقف عند حدود القمع، فـ«منصات» كانت الوسيلة الإعلامية الأولى التي تضيء على المجلة الإلكترونية «بخصوص الهوموفوبيا» التي أطلقتها جمعية «ميم» للمثليات في العالم العربي. كذلك يحتوي الموقع على وصلات إلى مدونات عربية، يكون اختيارها حسب قضية كل مراسل أو حسب المواضيع المطروحة في المدونة.

ريتا في الضاحية


«من دون اعتراضات أو تحفّظات»، أعدت ريتا باروتا (الصورة) أخيراً تحقيقاً عن التضييق على الإعلاميين الأجانب في الضاحية الجنوبية. وقد تحدثت مع الصحافيَّين البرازيليّين اللذين تعرّضا للتوقيف هناك، ومع وفاء حطيط
(المكتب الإعلامي لحزب الله)