ليال حدادهل تعلمون أن في الولايات المتحدة محطة تلفزيونية تسمّى «القناة اليهودية» Jewish Channel؟ وهل تعلمون أيضاً أن هذه المحطة بدأت تنتشر بسرعة كبيرة مع اشتعال الحملات الانتخابية للرئاسة الأميركية؟.
«القناة اليهودية» التي بدأت بثّها في أيلول (سبتمبر) الماضي، توسّع اليوم نشاطاتها، وتقدم برمجة أشمل وأكثر تنوعاً لجذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين. وهي تتوجّه، في المقام الأول، إلى الجمهور اليهودي في الولايات المتحدة لتذكيرهم بتاريخهم «والشعور بأن هناك قناة تخاطبهم خصيصاً»، كما يوضح موقعها على الإنترنت. إلا أن نظرة سريعة إلى البرامج التي تبثّها Jewish Channel تظهر أهدافاً أبعد من الجمهور اليهودي. إذ إنّ معظمها يتمحور حول «الهولوكوست والخلاص» الذي وجده يهود العالم عند وصولهم إلى «أرض الميعاد»، أي فلسطين. هناك مثلاً برنامج «التاريخ والذاكرة» الذي يبثّ يومياً، ويقدّم في كل حلقة شهادات أشخاص ناجين من المحرقة وأخرى من أولاد، مات أهلهم على يد النازيين. أما برنامج «إسرائيل»، فيقدّم «الصورة الحقيقية لإسرائيل» والسعي الدؤوب الذي مارسته الحكومات الإسرائيلية للتوصّل إلى سلام مع العرب!.
ويكفي النظر إلى ردات الفعل التي تثيرها البرامج عند الجمهور الأميركي لمعرفة أهمية هذه القناة في التأثير على الرأي العام. فتعليقات الأميركيين (غير اليهود) على المقالات التي كتبتها الصحف عن القناة، تؤكّد نجاح المحطة في إيصال هدفها، ذلك أن التعاطف الأميركي بدا واضحاً مع اليهود عموماً والإسرائيليين خصوصاً «في حربهم ضدّ الإرهاب الفلسطيني»، كما كُتب في أحد التعليقات على مقال عن المحطة في Jewish Week.
وقد لا تكون من قبيل الصدفة أن يتوسّع بثّ القناة في أكثر من ولاية مع بدء الحملات الانتخابية للرئاسة الأميركية بين المرشحَين الجمهوري والديموقراطي جون ماكاين وباراك أوباما. وها هي تخصص برنامج «طاولة الحاخام المستديرة» لمناقشة رأي اليهود الأميركيين في الانتخابات، وتوضيح «المعايير اليهودية للانتخاب». ويقدِّم البرنامج تقويماً لولاية جورج بوش وتصرفاته حيال إسرائيل، ليخرج باستنتاج واحد هو أن سياسته تجاه الشرق الأوسط لم تكن مناصرة كلياً لدولتهم، بعدما أبدى تعاطفاً كبيراً مع الفلسطينيين!
من جهته، أكّد مؤسس القناة إيلي سنجر لصحيفة «نيويورك تايمز»، أنّه «صُعق» لنجاح المحطة غير المتوقّع «إذ إنّ تجارب سابقة لمحطات مشابهة كانت فاشلة». وأعلن أنّها ستبدأ ببثّ عدد أكبر من الأفلام لإرضاء المشاهدين، إلا أن موقع القناة يؤكد أنّ هذه الأفلام تصبّ في الغاية نفسها، إذ إن أغلبها مرتبط بالهجرة اليهودية إلى إسرائيل أو بالمحرقة النازية. وكأن الإعلام الأميركي الذي يحكم «اللوبي الصهيوني» قبضته عليه، لم يعد يكفي لإيصال رسائل إسرائيل، ونقل صور متطرفة وغير حقيقية عما تعيشه منطقتنا.