المخرجة المشاكسة لم تتعب. بعد سنوات من المعارك، ها هي تُشعل الجبهة من جديد. والحرب هذه المرة يقودها شيوخ الأزهر!
محمد عبد الرحمن
على رغم مرور ثلاثة أسابيع على عرض لقاء إيناس الدغيدي مع وفاء الكيلاني في برنامج «ضد التيار» على «روتانا موسيقى»، لم تنته الضجة حول تصريحات المخرجة المصرية بعد. كلامها عن تشريع الدعارة تحديداً، لم يكن ليمر مرور الكرام على شيوخ الأزهر. وبالتالي، أعلن الأستاذ في جامعة الأزهر الشيخ محمد المختار المهدي، الحرب عليها. وها هي الصحف تُشغل مجدداً بأخبار المعركة التي يقودها ضدّها رجال الدين هذه المرة، لا المحامون الذين طاردوها طويلاً.
عندما ظهر المحامي نبيه الوحش في برنامج «ضد التيار» قبل مدة، كانت وفاء الكيلاني تؤكد للصحافيين أنها ستهتم في الفتــــــــرة المقبلة بزيادة جرعة التصريحات والآراء الساخنة. لذا، جاء ظهور إيناس الدغيدي والجدل المثار حول الحلقة حتى الآن في مصر، بمثابة تأكيد لاستراتيجية البرنامج الجديدة. وعلى رغم أن الدغيدي اتهمـــــــــــت الوحش خلال اللقاء بأنه يقاضيها بحثاً عن الشهرة، وأن كل دعاويه لم تحدث أي رد فعل قانونيّ ـــــ وهذا صحيح ـــــ لكنها في المقابل، ترفض الاعتراف بأنه لم يبقَ من نشاطها كمخرجة سينمائية سوى إطلاق التصريحات النارية والترويج لمشروعات شبه وهمية مثل عزمها إطلاق قناة «الجريئة».
الدغيدي ترفض الإقرار بتراجعها، وهي التي دشّنت مسيرتها قبل عشرين عاماً كمخرجة تركّز جهودها على الدفاع عن قضايا المرأة. وبالفعل، قدمت العديد من الأفلام التي تمحورت حول القضية، أبرزها «عفواً أيها القانون» الذي طالب بإعادة النظر في قضايا الخيانة الزوجية، وأضاء على عدم إنصاف الرجل للمرأة. لكن صاحبة «الباحثات عن الحرية» سرعان ما ضيقت الخناق على أفكارها تدريجياً، ولم يبقَ أمامها إلّا حرية المرأة في ممارسة الجنس، لتكون مضمون معظم أفلامها في السنوات العشرة الأخيرة. في الوقت نفسه، تراجعت القيمة الفنية لهذه الأفلام.
وكان لافتاً أن يعزف الجمهور عنها، على رغم جرأة المشاهد التي تقدمها «فتيات إيناس الدغيدي». بالتالي، ظل الجدل يشأن كل فيلم تقدمه أكبر من محتواه. وبقيت الحال هكذا حتى توقفت الدغيدي منذ ثلاث سنوات تقريباً عن الإخراج. فهي لن تستطيع الإنتاج لنفسها في كل مرة، ولم تجد حالياً منتجاً مستعداً لتحمّل «وجع الرأس» عبر تمويل أفلام تعرّي المرأة على الشاشة من أجل شجب هذا العري على صفحات الجرائد. ماذا تفعل إذاً، وقد ابتعدت عن الإخراج؟ حتى تضمن البقاء تحت الأضواء، قررت إيناس إطلاق تصريحات صحافية ومقابلات تلفزيونية مثيرة للجدل. وها هي في «ضد التيار»، تطالب بتقنين الدعارة، وتفسّر النصوص القرآنية وفق نظرتها الشخصية، وتنفي عن نفسها اتهامات المثلية الجنسية. وهكذا على مدار الحلقة، ركّزت على الكلام الساخن، من دون التركيز على الشق السينمائي المفترض أن يمثّل أولوية بالنسبة إليها.
لا شكَّ أن الكيلاني والدغيدي سعيدتان بالضجة، وبتلك الحملة التي يقودها شيوخ الأزهر اليوم ضد المخرجة المصرية، فذلك سيعزز من دفاعها عن الحرية. الحرية التي تهتم بالجنس فقط،لا بمشاكل الناس مع الحكومة والنظام! ولعلّ أكثر ما أسعد الدغيدي في حلقة وفاء الكيلاني أنها لم تضغط عليها أو تجبرها على تذكّر آخر مرة وقفت فيها خلف الكاميرا. فذلك لا يهم الكيلاني، لأنها حكماً لن تثير غضب المحامين...والأزهريين.