strong>بشير صفيرفي قاعة «رسالات» الأنيقة والواسعة التي استحدثتها أخيراً بلدية الغبيري، احتشد العشرات لمشاهدة «متى نراك؟»، العمل الإنشادي الأدائي الجديد الذي أشرفت عليه وحدة الأنشطة الإعلامية في حزب الله.
«متى نراك؟» الذي بدأ عرضه يوم الاثنين الماضي (ويختتم مساء اليوم عند الساعة التاسعة مساء)، يتناول فكرة ظهور الإمام المهدي (في ذكرى ولادته، 15 شعبان). هذا هو المعنى المباشر للنص الذي قد يختزن أساساً فكرة «المخلّص» عموماً. وهي الفكرة التي نجدها في ديانات أخرى (ظهور المسيح عند اليهود، المجيء الثاني ليسوع الناصري عند المسيحيين). وهذه الرمزية الشاملة يؤكد عليها محمد شعيب، مخرج العمل وكاتب نصه.
فنياً، يمكن تناول العرض من أكثر من جانب: الأداء التمثيلي الذي تضمّن لوحات راقصة من تصميم حسن بدر الدين وسارة قصير، والإنشادي (أداء منفرد أو جَماعي) للفرقة الكبيرة التي تتألف من رجال وفتيات وأطفال. وهو ينمّ عن تمارين مكثّفة ومهنية في التنفيذ.
أما الموسيقى المرافقة (تأليف طارق شريفي) التي أتت في معظمها أوركسترالية تصويرية، فقد أخذت منحىً محافظاً واستعراضياً وكلاسيكياً، لا جديد مميزاً يذكر فيه (وهي ملاحظة تنسحب أيضاً على الكوريغرافيا والسينوغرافيا).
لكن أبرز ما في «متى أراك؟» هو اختصار المجتمع الشيعي بأبرز مزاياه العامة واستثناءاته اللبنانية، وإعادة إنتاجها بشكل واضح في عمل فني. هكذا، اختصرت ألوان الأزياء (والسينوغرافيا التي نفذها علي حرب وجعفر حجازي) الطهارة والإيمان والأمل (الأبيض)، والحداد التاريخي (الأسود)، والمقاومة (الزي العسكري المرقط). كما اختُصر المجتمع بفئتين: هناك النساء والأطفال الذين ينتظرون عودة المهدي بإيمان. وهناك المقاوم الذي ـــــ وإن انتمى في لعبة الانتظار إلى المجتمع المدني ـــــ يعرف أنّه قد يلقاه في أي لحظة، لحظة الاستشهاد. وأتت الموسيقى في السياق نفسه. إذ يمكن تصنيفها تحت خانتين كبيرتين: أولاً، الموسيقى ذات الطابع الحالم والرعوي (كل ما ينسب إلى الطبيعة)، في المشاهد التي تحاكي المهدي برجاء وأمل، أو بعبارة أخرى كل ما هو غير منظور. وثانياً، الموسيقى ذات النفس (والإيقاع) الثوري أو العسكري في المشاهد التي تجسِّد العمل المقاوم في حزب الله.
في الختام، تفرض الموضوعية القول إنّ ما يقدّمه حزب الله (أو المقربون منه) في مجال الفنون عموماً هو أقل مستوى مما يجب أن يُقدّم في عالم الفن اليوم. لكنّه، أعلى بكثير، بل استثنائي، بالنسبة إلى ما هو مطلوب من «الحزب» في هذا المجال.


تحرير التلال