قبل الثورة النفطية والطفرة الاقتصادية، عاش أهل المملكة حياة بسيطة، اتّسمت بالتواضع واحترام الوافدين العرب... هذه الصورة يحاول مسلسل «المقطار» تكريسها، عبر المزج بين الكوميديا والتراث
الرياض ـ علاء اليوسفي
ينقل عدد من المقيمين الذين وفدوا إلى السعودية منذ عقود، أن الشعب السعودي كان يتّسم عموماً بالتواضع والاحترام تجاه الوافدين العرب، وخصوصاً فئة المتعلمين الذين توزعوا على مدارس المملكة وانخرطوا في السلك التعليمي، ليمثّلوا عموده الفقري. في وقت كانت نسبة التعليم في السعودية أقل مما هي الآن بكثير، إلى درجة يتعذّر معها وجود أساتذة سعوديين يمكن أن يغطوا الحاجة على هذا الصعيد.
هذه النظرة بدأت تتغير متأثرة بالطفرات الاقتصادية التي عرفتها المملكة خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم. ويشير أولئك المقيمون الذين عايشوا تلك الفترات إلى أنه خلال حقبة الملك فهد بدأت تلك النظرة تتغير بتأثير من السلطة، وتنظر إلى الوافد العربي على أنه جاء لخدمة السكان الأصليين، وليتحوّل تصنيفه مع مرور السنوات من عربي إلى أجنبي.
إلى تلك الحقبة التي طغت عليها الإنسانية أكثر من النفعية، يأخذنا المسلسل التراثي الكوميدي «المقطار»، من إنتاج شركة «الصدف». بدأ تصوير مشاهده الأولى في إحدى القرى القريبة من ضواحي مدينة الرياض. ويجسد حقبة زمنية تعكس في أحداثها فترة الستينيات الميلادية. وهو أول مسلسل سعودي يقدم حياة الناس في تلك الفترة من خلال رسم معالم الحياة الاجتماعية لمنطقة الرياض آنذاك. إضافة إلى التركيبة السكانية وطبيعة العلاقة الوطيدة التي كانت تربط بين الأُسر والجيران، والتي ترتكز على أسس المحبة والأمانة والتآلف والتآخي، مع تقديم معالجة درامية من زوايا مختلفة يبرز فيها الطرح الكوميدي.
ويزخر العمل الذي سيقدم على ثلاثين حلقة بنجوم الدراما السعودية والخليجية، وهو من إخراج الكويتي حسين أبل. المؤلف سعد المدهش رأى أن دافعه الرئيسي للعودة إلى حقبة زمنية سابقة، هو الحاجة الملحة لنشر التراث الثقافي والاجتماعي في زمن الفضائيات والثورة الإعلامية. وأشار إلى رغبته بتصحيح النظرة التي يسير عليها بعض منتجي المسلسلات التراثية الذين درجوا على تصوير العصر الماضي على أنه يضم مجتمعاً متخلفاً وجاهلاً.
وفي المسلسل، يحاول الممثل عبد الإله السناني استغلال أمواله للفوز بقلب سارة، أجمل فتاة في القرية، لكنه يجد نفسه في مواجهة نويصر الذي ينافسه على حبها، على رغم أنه لا يتمتع بالإمكانات المادية التي تتوافر لدى السناني. لكنه يمتلك حب كل أهل القرية بسبب طيبته وحسن خلقه. وعلى هذا النحو، تدور الكثير من الأحداث والمواقف التي يقدمها المسلسل.