حسين بن حمزةما تعرضه آنيتا توتيكيان حالياً لا يمثّل سوى جزء صغير من سيرتها. بدأت بالرسم منتصف الثمانينيات بعد دراسة البزنس. درست الأزياء، ثم قررت الانتقال إلى الرسم، لكن الحرب أجّلت مشاريعها. صدمة الحرب قادتها إلى التجهيز الذي لم تكن الأوساط التشكيلية تتقبّله بسهولة حينذاك. قدمت أعمالها الأولى بوصفها «فناً ضد الفن». وشاركت في معارض الخريف في «متحف سرسق»: «كانت الإدارة أكثر جرأة وقتذاك!» تقول توتيكيان التي قدّمت أعمالها هناك تحت اسم «فنان مجهول» بسبب إشكاليّة تعاطي الجمهور مع اللوحة، وخصوصاً حين يتعلق الأمر بالتجهيز. برأيها أن جمهور الفن في لبنان إجمالاً لا يجرؤ على الجهر بآرائه الخاصة، فيتبنّى ما تكتبه الصحافة غالباً. وكان غياب الاسم عن أعمالها في «سرسق» نوعاً من التحدي. التجهيز أمَّن لتوتيكيان مساحات شاسعة كونه فناً مخلوطاً باللعب والمغامرة. كان أمراً مفاجئاً وطريفاً أن تقدم أعمالها تحت عناوين غير مألوفة. عرضت مرة عملاً بعنوان «اخرجْ من هنا»، وآخر بعنوان «ابتسم أنتَ تشاهد فناً». استخدمت أغراضاً وأدوات متنافرة. وغالباً ما كانت تكتفي بوضع المواد بعضها في جوار البعض الآخر، بشكل ارتجالي قابل للتغيير. تضحك الفنانة وهي تروي تعلّقها بالأغراض المنتهية الصلاحية. كثيراً ما طلبت من زوجها أن يُوقف السيارة لكي تنتشل تلفزيوناً معطلاً أو درفة خزانة أو كرسياً مخلوعاً من بين القمامة. الجيران صاروا يرسلون إليها برّادات أو غسالات أو حنفيات يريدون التخلص منها. «كان صعباً عليّ أن أشرح للجمهور لماذا وضعتُ براداً إلى جانب كرسي قديم مقلوب وعليه منفضة مثلاً. لهذا فضّلتُ أن أقدم أعمالي من دون أن يحضر اسمي عليها. أنا لا أملك التفسير الأحادي. أردت أن أحرر الجمهور من سلطة الرأي. أول شروط الفن هو أن يمنحنا الحرية في فهم ما نراه».
توتيكيان هي أول مَن اشتغل على فن التجهيز في لبنان. سنة 1997، وبعد عشر سنوات من تجاهل النقّاد لها، حصلت على تنويه عن مشاركتها في معرض الخريف في سرسق. في السنة التالية حصلت على الجائزة الأولى، وكانت أول مرة تمنح فيها الجائزة لعمل تجهيزي: «اعتبرتُها نوعاً من الاعتراف. بعدها فقدتُ الدافع لمواصلة أعمالي بتلك النبرة الاعتراضية العالية. بدأت أسأل نفسي: ما هو الفن. بالتدريج راحت الممارسة الغريزة تخفّ لصالح البحث عن نظرية وتطويرها. ما زلت على الخط نفسه، لكن شغلي أهدأ الآن، ومصنوع من اقتراحات متعددة».

حتى 11 حزيران (يونيو) ـــــ غاليري جانين ربيز (الروشة): 01868290