وردتنا رسالة من الكاتب الجزائري صلاح شكيرو، صاحب رواية «إمبراطورية الرمال» (الساقي)، ننشر في ما يلي أبرز مقتطفاتها:
«تعقيباً على الحوار الذي أجرته معي الصحافيّة القديرة نوال العلي، ونشر في جريدتكم الغرّاء («الأخبار» 3 حزيران/يونيو 2008 )... وبعيداً من أي جدل عقيم، أستسمحكم في نشر التوضيحات التالية:
1 ـــ تفاجأت لدى اطلاعي على المقال المنشور والصيغة التي ظهر بها الموضوع. فبدلاً من الأسئلة والأجوبة، لم تعمل المحرّرة سوى على إدراج بعض من الأجوبة المنقوصة داخل مقالها، كذرائع وحجج لتبرير موقفها من الرواية. وقد جاءت هذه الأجوبة منقوصة ومجرّدة من الإطار الذي جاءت فيه، ممّا يؤدّي إلى الفهم الخاطئ. وكان على السيدة أن تدرج الاستجواب وحده إلى جانب نقدها للرواية، ولها في هذه الحالة أن تستدلّ بما تراه مناسباً من الاستجواب في مقالها تفادياً لسوء التفاهم.
2 ـــ تكتب العلي على لساني: «إن الصحف الجزائرية احتجّت على صدور الرواية وقت صدورها، لما فيها من مشاهد جنسية كفيلة بالحؤول دون نشرها». في حين أنّه لم يكن هناك سوى صحيفتين اثنتين معروفتي التوجّه، اهتمّتا بهذا الجانب. أمّا باقي الصحف الجزائرية والفرنسية، وهي كثيرة، فقد تقبّلتها بالاهتمام الكبير (...).
3 ـــ الرواية في نسختها الأصلية صدرت بعنوان Le tycoon et l'empire des sables في صيف 2006 وليس كما ورد في المقال Zone de turbulence، فهذا الأخير عنوان لرواية للمؤلّف صدرت في المغرب نهاية 2007.
4 ـــ أحترم وأتقبّل بصدر رحب رأي السيدة نوال العلي، ولها أن تتقبّل هذا النوع من الكتابة الروائية أو تنفر منه وترفضه، وهي حرّة في ذلك. لكن ليس من حقّها، في اعتقادي، أن تطلق حكماً قاطعاً، وتجزم جزافاً بأن القارئ المشرقي لن يتقبّل التجربة (...). الصديقة نوال العلي أقرّت بكل صرامة بأن الرواية خارج دائرة اهتمام القارئ المشرقي، جازمة بأن موضوع الرواية (...) لا يعني سوى بلد واحد موجود في المرّيخ، البعيد كلّ البعد عن البلاد المشرقية، البعيدة بدورها عن مثل هذه الفضائح التي تتميّز بها بلدان العالم الثالث برمتها لا بلاد العالم العربي وحدها (...). فإن كان الأمر كذلك، ترى في أية خانة تصنّف صديقتنا فضيحة بنك المدينة في لبنان منذ فترة؟
5 ـــ لو نشرت السيدة نوال العلي الاستجواب بحذافيره، لما وقعنا في هذا الغموض. عن سؤالها: «لماذا كتبت هذه الرواية؟ وكيف تحوّلت القضية إلى رواية؟” أجبت: «إن كلّ عمل إبداعي لا بدّ له أن يستهدف التوازن الموجود والروتين القابع ليخلق توازناً آخر يكون بديلاً له. فالعملية الإبداعية ترادف الحياة ومنح الحياة. وبداية كلّ حياة تكون دائماً على أنقاض واقع ما، وهي بالضرورة تحدث إزعاجاً كبيراً وتحدث خللاً كبيراً في التوازن الموجود. فالبذرة مثلاً عندما تنبت تقطّع لحاف الأرض لتخرج نبتة جديدة، والولادة عندما تتمّ تجذب معها كل ما تعلّق والتصق برحم الأم من بداية التصميم ليخرج الجنين إلى الحياة، وهذا الأخير يطلق صرخة عنيفة بكلّ ما أوتي من قوة لتحرير رئتيه، ويبدأ حسمه في التأقلم مع محيطه الجديد... الخ». هذا ما قلته، لكن السيّدة العلي اختصرته إلى جملة بسيطة غامضة.
6 ـــ أخيراً، ورد في المقال أنني مدير سابق في الوكالة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار ANEP. والصحيح أنني كنت مديراً للنشر في هذه المؤسّسة قبل تنحيتي من هذا المنصب، على أثر صدور هذه الرواية، وأنا الآن مجرّد مدير مركزي في منصب مستشار فيها.
مع فائق الاحترام والتقدير للصديقة نوال العلي، ولموقفها من هذا العمل وآرائها في وظيفة الأدب».

صلاح شكيرو

نشكر الأديب العزيز صلاح شكيرو على رسالته الرصينة التي تراعي قواعد الاختلاف الهادئ، هو الذي كان له باع في دعم مجلّة «الاختلاف» في الجزائر. ونلفت نظره إلى أننا لم نخترع شكلاً صحافياً جديداً، ولا أسأنا إلى الكاتب، أو مارسنا بحقّه أية رقابة ـــ مباشرة أو غير مباشرة، مقصودة أو غير مقصودة ــــ حين اكتفينا بنشر بعض ما جاء على لسانه، ضمن قراءة نقدية لروايته الصادرة حديثاً، بصيغتها العربيّة عن «دار الساقي» في بيروت. هذا الشكل الصحافي المعروف الذي نعتمده بشكل أساسي في «الأخبار»، يجمع بين مستويات إعلاميّة ومعرفيّة ونقديّة عدّة في سياق تكثيف الأفكار، وتفادي الثرثرة، وإغناء المقالة بأكبر قدر من الدسم في عصر القراءة السريعة والتواصل الفوري. نفهم أن يكون الأستاذ شكيرو من المواظبين على المدرسة القديمة التي تفضل الحوارات ــــ المطوّلات، وتتعامل مع الصحافيّة كآلة تسجيل، لا كمحاورة من شأنها أن تساجل وتنقد وتقتطف وتكثّف ــــ من دون تحريف أو بتر طبعاً ــــ وتتجاوز اللغو وصولاً إلى صلب الموضوع وجوهر المعنى! هذا نظرته وهو حرّ بها، لكننا نحتفظ بحقنا في البحث عن قوالب وأشكال تَواصل عصريّة مختلفة. ويكفي أن يطلع القارئ على الجملة التي يوردها كنموذج على ما اجتث من حديثه، كي يتأكّد من أننا لم نخطئ كثيراً حين اخترنا تجاوزها إلى جوهر التجربة. كما أننا نرحّب بأي مقالة أخرى تتناول «إمبراطورية الرمال»، من زاوية مغايرة لقراءة الزميلة نوال العلي. وأخيراً، دققنا ملياً في النسخة الموجودة بين يدينا من رواية للمؤلّف بعنوان Zone de turbulence (منشورات Edisoft، المغرب، 2007)، فوجدنا أنها متطابقة مقطعاً مقطعاً، وفصلاً فصلاً، مع الترجمة العربيّة التي حملت عنوان «إمبراطورية الرمال». أما عن رواية Le tycoon et l'empire des sables، فهي لم تقع بين أيدينا، ولم نفهم تماماً سرّ وجود صيغتين للرواية نفسها في اللغة الأصليّة التي كتبت بها.
(التحرير)