nbn دخلت الإنتاج الدرامي، جامعةً جان خضير بالمخرج باسم نصر، لتقدم حلقات كوميدية عن رجل ثري، يترشّح لدخول المجلس النيابي... صاحب «بربر آغا» و«أربع مجانين وبس»، وبطل «لعبتي» و«المعلمة والأستاذ» يعودان إلى الشاشة بعد سنوات، لينقلا أوجاع الناس «بلا فلسفة أو تعقيدات»
باسم الحكيم

بعد تراجع التلفزيون الرسمي عن دوره الريادي في الإنتاج الدرامي منذ سنوات، وجدت LBC نفسها القناة الوحيدة المهتمة بهذا الشأن حتى أشهر قليلة خلت، عندما دخلت Otv ساحة المنافسة بثلاثة أعمال دراميّة في الأسبوع. وذلك قبل أن يقتنع تلفزيون «المستقبل» بضرورة تخصيص جزء، ولو بسيطاً، من فترة بثّه للدراما المحليّة. أما آخر الوافدين إلى ساحة المسلسلات المحلية، فهي قناة nbn التي تعاقدت أخيراً مع شركة «أضواء للإنتاج» على شراء حقوق عرض الكوميديا الاجتماعيّة «محسوبك فرج» من كتابة جورج مطر، وسيناريو مشترك وضعه الكاتب بالتعاون والتنسيق مع المخرج باسم نصر. وهذا الأخير يعود إلى الإخراج الذي اضطر إلى التخلّي عنه قسراً، منذ أيّام «نساء في العاصفة»، قبيل إقفال تلفزيون لبنان في شباط (فبراير) من عام 2001. علماً بأنه خلال تلك الفترة نفّذ حلقات «التحدي» من مجموعة «حكايات» للكاتب شكري أنيس فاخوري، ثم «جحا» من كتابة جبران ضاهر وبطولة مخّول مخّول.
يسجّل العمل الجديد أيضاً عودة الممثل الكوميدي جان خضير إلى الأضواء، بعد احتجابه لسنوات منذ «نساء في العاصفة»، إذ كان أحد أبطال العمل الطويل. ثم حلّ ضيفاً على مسلسلين كتبهما شكري فاخوري هما «غداً يوم آخر» للمخرج إيلي فغالي و«اسمها لا» للمخرج ألبير كيلو. ويشارك في بطولة «محسوبك فرج» كل من ندى البابا، وغسّان أسطفان، وجوزيف سعيد، وعاطف العلم، وأنجو ريحان، وجوزيف عبّود وسواهم. وتدور أحداثه في مجموعة من الحلقات المنفصلة ـــ المتصلة التي تصوّر حياة فرج. رجل ثري وصاحب أحد المصارف، يعشق السياسة ومرشّح لدخول المجلس النيابي، وتهتم بأعماله الإداريّة سكرتيرته (ندى البابا). ولأنه لم يتبقّ بينه وبين النيابة سوى خطوة واحدة، عليه أن يكون أكثر لطفاً مع أهالي دائرته الذين يتعرض بسببهم لمشكلات لا تنتهي، تولّد المواقف الطريفة.
وبينما يشرح جان خضير عن شخصيته في العمل بأنّ «فرج هو رجل عزابي «عينه لبرّا»، يعلل أسباب غيابه عن الشاشة الصغيرة بـ«أنني منذ ثلاث سنوات، أنشغل بمتابعة ارتباطاتي كنائب لرئيس بلديّة علما ـــ زغرتا. إضافة إلى مساهماتي في شركة «النجوم» الفنيّة التي تعنى بتنظيم الحفلات للفنانين المخضرمين أمثال ملحم بركات، ونجوى كرم، ووليد توفيق وراغب علامة. لكن ابتعاده عن التلفزيون، لم يكن غياباً تاماً عن الأعمال الفنيّة، “لأنني استمررت بالعروض المسرحيّة في الشمال. وقد سجّلتُ على الخشبة نجاحات مقبولة مع إبراهيم مرعشلي في «ستوب مدرسة بوب»، و“تقسيم عالعود» مع وسيم طبّارة».
وعن نقاط التلاقي بين هذه الشخصيّة وتلك التي جسّدها في «المعلّمة والأستاذ»، يوضح أن «الشخصيّة هنا أكثر تطوّراً، لأن العمل يعالج موضوعات اجتماعيّة مأخوذة من مجتمعنا العربي عموماً واللبناني خصوصاً. أما شخصيّة جان في المسلسل الكوميدي الذي توزعت بطولته بين الراحلين هند أبي اللمع وإبراهيم مرعشلي، فكانت ساذجة وبسيطة». ويضيف شارحاً: «الشخصيّة في تركيبتها هنا، قريبة من أجواء «أبو ملحم». إذ يطرح العمل مشكلات المدارس والجامعات والإدارات الرسميّة والبلديّات في قالب خفيف». لكنه يسارع إلى نفي استخدام أسلوب المواعظ والإرشادات.
في المقابل، ينفي خضير أن تكون الشخصيّة شبيهة بأي شكل من الأشكال بدوره في مسلسل «لعبتي» الذي نقل محطات من معاناة آمال عفيش إلى الشاشة، ولعب فيه شخصيّة الشاب المعقّد، الذي يخضع لسيطرة والدته.
وبعد كل هذه السنوات من الغياب، يؤكّد خضير الذي قدّم كاراكتيرات مشابهة في أعمال درامية وكوميديّة، بينها «لا تقولي وداعاً» (كتابة وجيه رضوان) و“صبي وين بدو يروح» (كتابة مروان نجّار)، بأن «الأمور الماليّة لم تعد تعنيني، وكل ما يهمّني هو تقديم عمل فني جيّد بكل المقاييس، وخصوصاً أن الناس ما زالت تتابع أعمالي القديمة على تلفزيون لبنان، وتطالبني بالعودة». ويعرب خضير عن رضاه عن المسلسل، «لأن الشركة المنتجة، مهتمة بأن يظهر أول عمل اجتماعي لها بأفضل صورة، بعدما تخصّصت في إنتاج الدراما الدينية في السنوات الماضية». وعلى رغم اطمئنانه إلى جودة النص، والعمل المتقن للمخرج الذي يفهم جيّداً كيف يوصل الشخصيات، يتخوّف من المقص «الذي يهدد بتجزئة حلقات لا تحتمل تجزئة، وتعرّضها للتفكك، لأن كل حلقة هي قصّة قائمة بذاتها».
ويشرح المخرج باسم نصر صاحب المسلسلات الكوميديّة الناجحة خلال المرحلة الذهبية للدراما، وبينها «إم اخبار» من كتابة سامي الصيداوي وبطولة فريال كريم، و“دويك يا دويك» لأنطوان غندور مع عبد الله حمصي، ثم «بربر آغا»، و“أربع مجانين وبس»، بأن «العمل الذي صوّرنا منه أربع حلقات حتى الآن، مدّة كل منها ساعة تلفزيونيّة، ليس من نوع الكوميديا السوداء، بل هو عبارة عن مواقف كوميديّة من حياتنا اليوميّة، في قالب يحمل أبعاداً اجتماعيّة بأسلوب بسيط، وبعيد عن الفلسفات والتعقيدات». وكيف يمكن تقديم العمل البسيط من دون الوقوع في فخ التسطيح؟ يسأل نصر: «هل هناك أبرز من رواية «روميو وجولييت» التي وضعها وليم شكسبير؟». ويخلص إلى أن «ميزة هذه الرواية تكمن في بساطتها، ويمكن اختصارها بصراع من عائلتين يمنع حبيبين من أن يعيشا قصّة حبّهما الملتهبة بسلام»، مشيراً إلى أن «الأعمال الدراميّة أو الكوميديّة المعقّدة، لن يفهمها الناس». ويلفت إلى أنه «متأثّر بالمسرح الإنكليزي الذي يحرص على أن يتيح لامرأة مسنّة وصمّاء تجلس في المقاعد الخلفيّة أن تفهم ما يجري على خشبة المسرح». ويتحدث نصر عن «حلقة يلتقي فيه صديقاً، اعتاد أن يربح في البورصة، ويسأله فرج عن كيفيّة تمكنه من تحقيق الربح دوماً. ويعترف له بأن سبب النعمة التي يعيش فيها هو بفضل إحدى البصّارات الماهرات (تؤدي دورها أنجو ريحان). هكذا يقصدها فرج، قبل أن يتبيّن له أنها مجرد دجّالة، لنخلص إلى المثل القائل «كذب المنجمون ولو صدقوا».
لا يدّعي نصر تقديم رؤية جديدة، بل يراهن على المعالجة المختلفة. ويسارع إلى التذكير بأنه «عالميّاً، هناك بضعة موضوعات يتكرر طرحها بأساليب مختلفة، ومشكلتنا تكمن في أن معظم كتّابنا لا يتتبعون الحبكة الدراميّة لموضوعهم الرئيسي حتى نهايته، ما ينفّر المشاهد منها»، آملاً «عدم وقوع «محسوبك فرج» في الفخ نفسه».


شارلي شابلن، شوشو وأخوت شناي

يراهن المخرج المخضرم باسم نصر على اختياره جان خضير لبطولة العمل، بعدما التقاه في مسلسلات عدّة، بينها «لعبتي» مع آمال عفيش. ويقول: «هذا المسلسل هو الذي شجّعني على ترشيحه للدور». وقبل أقلّ من عشر سنوات، كان موعد اللقاء الأخير بين المخرج وخضير في مسلسل «نساء في العاصفة». يغوص نصر في التحدث عن شخصيّة عسّاف المعلّم التي أدّاها خضير في المسلسل، شارحاً بأن «الشخصية ميلودرامية، أسندتها إلى جان قبل أن أعرف بأن الكاتب شكري أنيس فاخوري، سيوسّع مساحة الدور بهذه الطريقة... وما سمح لفاخوري بأن يتوسّع أكثر فأكثر في الشخصيّة، هو أنه كان يعكف على كتابة المسلسل أثناء عرضه، ما جعله يفصّل كل شخصيّة من الشخصيات الأساسيّة في المسلسل، على قياس مؤدّيها، حفراً وتنزيلاً».
وهنا، يرفض مقولة إن تميّز ممثل في كاراكتير معيّن، واستمراره في أدائه لاحقاً، يمثّل قضباناً، يُسجن هذا الممثل وراءها. والدليل، «بأن شوشو ونبيه أبو الحسن في لبنان واسماعيل ياسين في مصر، وكذلك شارلي شابلن قامت شهرتهم على الكاراكتيرات التي أدّوها. ولو خرج اسماعيل ياسين مثلاً من الشخصيّة التي لعبها وأحبّه فيها الجمهور، لفشل وكانت أكبر غلطة يرتكبها في مشواره الفني، لأنه نادراً ما يكتشف الممثل الشخصيّة التي يبرع فيها». ويشير إلى «أنني أوجدت شخصيّة أخوت شناي التي لعبها نبيه أبو الحسن وأخرجت الحلقات التلفزيونيّة التي كتبها أنطوان غندور»، لافتاً إلى أن «نبيه أبو الحسن، لم يكن لديه اسم في مسلسل «كانت إيّام»، وإن كانت الشخصيّة التي جسّدها فيه، قريبة من شخصيّة الأخوت». وهنا أيضاً يعتبر أن أبو الحسن، لو غادر الشخصية التي اكتمل فيها كممثل، لكانت غلطة عمره، علماً بأنه كان يفكّر بهذا الأمر ونصحته بألا يتسرّع».
عندما تسأل نصر أين تكمن الكوميديا في هذا العمل، يجدها فرصة ليشن حملة على الذين يدفعون بالممثل ــــ عبر هذا السؤال ــــ إلى لعب كوميديا «الفارس» في التلفزيون، «فيصل إلى حدود الابتذال في الأداء والمبالغة في التعبير».