بيار أبي صعبأكثر من فضاء فكري وأكاديمي، قائم على نقد السائد وتفكيك آلياته السلطويّة تحت لواء ما يعرف بـ«الدراسات النسائيّة»... أو حلقة تضمّ ناشطات وناشطين في قضايا النسويّة... أو منبر يجمع عدداً من الأسماء الرصينة والتجارب الغنيّة والأبحاث الجادة... إن «تجمّع الباحثات اللبنانيّات» هو، قبل كلّ شيء، واحة تنبض حيويّة وجرأة، ومنارة تشعّ من بيروت على أهل الضاد، لتتقاطع مع تجارب مكمّلة، في المغرب ومصر وغيرهما...
منذ عام ١٩٩٤ أسمعن صوتهنّ المغاير، وسط منظومة القيم السائدة التي تدور حول النمط البطريركي، في السياسة والمجتمع والاقتصاد، فضلاً عن التربية والإعلام والثقافة. جمعن بين تمهّل الباحثـ (ة)، وطول نفَس الأكاديميـ (ة)، وراديكاليّة المناضلـ (ة)، في مجتمعات ليس النضال فيها ترفاً زائداً، ولا تمثّل «النسويّة» خطر التحوّل إلى دوغما أرثوذكسيّة ومحافظة، كما هي الحال في بعض المجتمعات الغربيّة...
وقبل أيّام صدر الكتاب السنوي (١٢) من «باحثات»، ومحوره «الرجولة والأبوّة اليوم ــــ تفكيك مفهوم الذكورة المهيمنة». تلك الذكورة التي تلفت مقدّمة الكتاب إلى أنها «ليست موضوعاً بين المواضيع»، بل هي «الموضوع» الذي يحدد نظام حياتنا بامتياز... الكتاب الذي تضمّ هيئة تحريره هذا العام أنيسة الأمين وكارمن بستاني وهند الصوفي وملحم شاوول، حافل بالدراسات المهمّة، والأبحاث النقديّة والتحليليّة (بعضها بالفرنسيّة أو الإنكليزيّة، حبّذا لو عُرّب)، والشهادات التي سنعود إليها لاحقاً بالتفصيل. لكنّنا نشير منذ الآن إلى شهادة فنانين حول ذكورتهما (رفيق علي أحمد وحسن الجوني)، ونصّ أدبي شيّق لرشا الأمير، ودراسات ترصد أيقونة الذكورة في الأعمال الفنيّة (هند الصوفي) والسينما (محمد سويد، جين سعيد مقدسي)، والأدب والمسرح (وطفاء حمادي)، والأسطورة الشعبيّة (عنترة/ فاديا حطيط)، والطوابع البريديّة (هدى طالب سراج)، والطقوس الاجتماعيّة (الأركيلة/ حُسْن عبّود)... اِهرعوا إذاً إلى شرائه!