strong>المناسبة: الذكرى 33 لاندلاع الحرب اللبنانية، والذكرى 12 لحرب عناقيد الغضب. المكان: شاشة «الجزيرة» الإخبارية، والزمان: الأربعاء المقبل... مقاتلون قدامى من مختلف الطوائف والأحزاب، ومقاومون في الجنوب، يتحدثون في شريط وثائقي عن أخطاء الماضي، توجّسات المستقبل. ويقولون جميعاً: لا لحرب جديدة!
حوراء حوماني
«هواجس نيسان! ومع علامة تعجّب، لأننا نتمنى ألا تتحقق هذه الهواجس». هكذا يبدأ المخرج وكاتب السيناريو عبد الله البني الحديث عن آخر أفلامه الوثائقية («هواجس نيسان») الذي يُعرض بعد أيام، ضمن سلسلة التحقيقات التي أطلقتها «الجزيرة» أخيراً بعنوان «في الواجهة». البني كتب السيناريو ونفذ الإخراج، أما النص والتعليق الصوتي فللمنتج عبد الدايم الصماري. وقد أطلق الثنائي اسم «هواجس نيسان» على الوثائقي، «لأن نيسان (أبريل) بالنسبة إلى اللبنانيين يحمل هواجس باندلاع حروب».
المناسبة طبعاً هي الذكرى 33 لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في 13 نيسان 1975، وكذلك الذكرى 12 لحرب عناقيد الغضب الإسرائيلية ومجزرة قانا في 18 نيسان 1996، «أضيفي إلى ذلك أن اللبنانيين يعيشون اليوم هاجس حربين: الأولى أهلية والثانية إسرائيلية»، يقول البني. ويرى أن ما يميّز الشريط هو إنتاجه في هذا التوقيت، «في ظل انقسام حاد داخلياً، وتوتر خارجي تسيطر عليه خروقات ومناورات إسرائيلية». من هنا، يهدف «هواجس نيسان!» إلى «توجيه رسالة لتوعية الشباب اللبناني المتحمس لحمل السلاح، وذلك عبر رصد تجارب مقاتلين سابقين من أحزاب لبنانية مختلفة، شاركوا في الحرب الأهلية. وقد اختير المحاربون القدامى من أحزاب وطوائف مختلفة، حتى تكون الرسالة شاملة، تُظهر أن الانقسام اليوم ليس طائفياً بل سياسي، بخلاف ما يردد بعضهم». يتحدث في الشريط مقاتلون سابقون من القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي و“المرابطون” وحركة أمل والحزب الشيوعي اللبناني. هؤلاء سيعبّرون عن «ندمهم الشديد لمشاركتهم في الحرب، وعلى عمليات القتل والخطف والتعذيب التي ارتكبوها في الماضي».
أما بالنسبة إلى حمل السلاح في الداخل اللبناني، وخشية بعض الأطراف من سلاح المقاومة، وهواجس حرب إسرائيلية جديدة، فقد انتقل البني إلى جنوب لبنان للقاء مقاومين من السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي ومن المقاومة الإسلامية. و«سيظهر مقاومون لبنانيون من طوائف لبنان المختلفة في مكان واحد وزمان واحد... بينهم الشيعي والسني والدرزي والماروني، رفضوا تحديد طوائفهم».
وعماذا سيتحدث هؤلاء؟ «على رغم الطابع الطائفي للبنان والانقسام السياسي ومشاريع الفتنة المتنقلة لتوريط سلاح المقاومة داخلياً، ما زال في لبنان شباب غير طائفيين، هدفهم واحد وهو الدفاع عن بلدهم... سيصرّون أن سلاحهم لا يمكن أن يوجه للداخل مطلقاً، وأن وجهته الوحيدة هي دائماً العدو الإسرائيلي».
وفي الجنوب، يرافق فريق «هواجس نيسان» دوريات الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل عند الحدود، ويجري مقابلة مع قائد اليونيفيل الجنرال كلاوديو غراتسيانو للوقوف على دور القوات الدولية في ظل الخروقات الإسرائيلية المتواصلة للقرار 1701، إضافة إلى تدابير اليونيفيل الوقائية لحماية المدنيين اللبنانيين في حال نشوب عدوان إسرائيلي.
هذا الفيلم يندرج ضمن سلسلة «في الواجهة» التي أطلقت أخيراً. و«هي برامج ميدانية تتناول التحقيق في القضايا الراهنة، لكن بأسلوب وثائقي». وبينما كانت هذه الأفلام تعرض منفصلة سابقاً، «ارتأت إدارة «الجزيرة» أن ندرجها ضمن سلسلة تتناول أحداثاً ساخنة، نضع تفاصيلها في الواجهة، ونتطرق إلى خلفياتها وتفاعلاتها». ويذكر البني أن معظم المواضيع التي يتطرق والصماري إليها هي سياسية وإنسانية حتى الآن، «لكننا سنطرح قريباً قضايا اجتماعية واقتصادية، ونضيء على إنجازات طبية عالمية وعربية».
وكيف يتعاملان مع صعوبات إنجاز أعمال وثائقية في مدة لا تتجاوز أسبوعين أحياناً، وخصوصاً أنهم يتناولان مواضيع آنية وراهنة؟ يجيب: «نحن نتسابق مع الزمن، سرعة التحرك ميدانياً هي التي تميز إنتاجنا، فأن تتمكني من تقديم وثائقي مدته 45 دقيقة في فترة 15 أو 20 يوماً، يترافق مع الأحداث... لهو أمر شاق وصعب».
ويشير إلى أن الجمهور يتفاعل مع كل ما هو «طازج ومثير»، أي إنه بمجرد عرض معلومات إضافية وكشفها عن حدث معين ما زال يشغل البال، «يصبح حظ العمل من المشاهدة أكبر. هذا عدا كونه يعرض على فضائية تحظى أصلاً بنسبة مشاهدة عالية». ويذكر البني أن تعليقات كثيرة ترد عبر الإنترنت، حيث تعرض كل الأفلام على موقع youtube/aljazeerachannel، و«معظم هذه التعليقات تثني على نوعية التنفيذ وسرعته. إلى جانب انتقادات «نحاول الاستفادة منها لتقديم الأفضل». يعاد عرض الشريط الخميس 17 آذار (مارس) المقبل عند الساعة 20:05.
لكن لماذا تُقدم هذه الأفلام أولاً على «الجزيرة» الإخبارية، لا على «الجزيرة وثائقية»؟ يقول إن هذه هي الأولوية، «لكننا في المحصلة نعرضها على باقي قنوات الشبكة كـ«الجزيرة الوثائقية» و«الجزيرة الإنكليزية». ويضيف شارحاً: «لقد عرضت أربعة أفلام لنا على القناة الوثائقية: «دفاعاً عن النفس»، و«سماسرة البيت الأبيض»، و«محور الشعب»، و«السجين 345». أما على القناة الإنكليزية، فقد ترجمنا ثلاثة منها وعرضت بعناوين مختلفة: The War In America Working In The War Zon، Prisoner 345».
وفي مناسبة الحديث عن المشهد الإعلامي الوثائقي العربي، يرى البني أنّ صناعة الأفلام الوثائقية في تزايد وانتشار، «لأن الشرق الأوسط بات منطقة ساخنة وخصبة لناحية القصص السياسية والإنسانية. لذا، تتضاعف أعداد المنتجين والمخرجين، إضافة إلى انتشار شركات الإنتاج العربية والأجنبية». وماذا عن العقبات؟ يرى البني أن العقبات تبدأ في إبراز المخرجين المستقلين وإعطائهم فرصة لعرض إنتاجاتهم على الشاشة. هناك عقبة ثانية تكمن في التمويل، وتواجه المخرجين بشكل دائم: «على رغم أننا نعيش عصر المعلومات والصورة والاتصالات، لم تعِ رؤوس الأموال العربية بعد أهمية الفيلم الوثائقي في الذاكرة الشعبية، وفي توجيه الرأي العام، وإيصال قضايانا إلى الخارج». وهنا، ينتقد البني بعض المخرجين المحترفين الذين يسعون فقط للمشاركة في مهرجانات الأفلام الدولية، «ربما يحصدون جوائز، لكن المشاهد العربي لا يرى هذه الأعمال على الشاشة إلا ما ندر». يعاد عرض الوثائقي الخميس 17 نيسان (أبريل) المقبل عند الساعة 20:05.


الأربعاء المقبل 00:10 على «الجزيرة»


strong>منبر من لا منبر له
عندما تسأل عبد الله البنّي عن مقصّ الرقيب في قناة «الجزيرة»، وخصوصاً أنه ينفّذ أفلاماً تتعلق بمواضيع آنية، ما زالت تتفاعل... يؤكد عدم تعرّضه لهذا الرقيب مطلقاً: نحن بالطبع نتناقش ببعض الأمور الحساسة سياسياً، ونحاول طرحها بأسلوب لا يزعج أي طرف من الأطراف. كما نمارس رقابة ذاتية ومهنية على إنتاجنا الوثائقي، ونتحرك ضمن إطار ميثاق الشرف الصحافي الذي أقرّته «الجزيرة»، وضمن شعارَي «الرأي والرأي الآخر» و«منبر من لا منبر له». ويعطي مثالاً من فيلم «دفاعاً عن النفس» الذي رصد استهداف المدنيين في حرب تموز: «لم نكتف بتعداد المجازر والوقوف عند الضحية، لكننا أجرينا لقاءات مع الجيش الإسرائيلي. وفي فيلم «سماسرة البيت الأبيض»، على رغم أننا تحدثنا عن المرتزقة في الجيش الأميركي في العراق، أجرينا مقابلة مع الناطق باسم قوات التحالف الكولونيل الأميركي ويليام كالدويل. كذلك في «محور الشعب» الذي تناول عائلات الجنود الأميركيين القتلى في العراق والمعارضة الداخلية ضد إدارة جورج بوش، التقينا بأحد أهم رموز المحافظين الجدد وهو دايفيد فرام، الكاتب السابق لخطابات الرئيس بوش ومبتكر مصطلح «محور الشر». ويستعيد المخرج اللبناني تعليقات عائلات الجنود وعدد من المتظاهرين في الولايات المتحدة الأميركية، «نشكركم لأنكم توصلون صوتنا عبر قناتكم، لأنه ممنوع أن نرفع الصوت ونعارض على محطات التلفزيون الأميركية». ويحدد البني أن هذا هو دور قناة «الجزيرة»، «أن تكون قريبة من الناس ومشكلاتهم، مهما بعدت المسافات الجغرافية والدينية والاجتماعية وحتى السياسية».