منار ديبالاحتفال بعيد الجلاء في سوريا (17 نيسان/ أبريل) لن يكون عادياً هذا العام. ذلك أن الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية، أعدت برنامجاً له نكهة خاصة، يتمثّل بحفلة موسيقية لأوركسترا الجيش أمام ضريح يوسف العظمة في ميسلون، صباح اليوم الذي تحتفل فيه سوريا بذكرى الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي. وكانت أوركسترا الجيش قد قدمت حفلة موسيقية ناجحة في دار الأوبرا الشهر الماضي في أول ظهور لها أمام جمهور مدني. وتلي ذلك حفلة استثنائية في موقع عين التينة في الجزء المحرر من الجولان السوري المحتل في الساعة الثالثة، سينقلها التلفزيون السوري مباشرة على الهواء. وتحتل هذه الحفلة أهمية خاصة بمشاركة الفنان سميح شقير وفرقته، أحد أعمدة الأغنية الملتزمة في العالم العربي. وتقابلهم على الجانب الآخر حفلة لفرقة «ذكرى» من الأراضي السورية المحتلة (بلدة مجدل شمس)، التي سترفع شعار دمشق عاصمة الثقافة العربية، وستؤدي عدداً من أغاني الراحل زكي ناصيف وأغاني سميح شقير. حفلة عين التينة نسق لها أديب الصفدي من الجولان المحتل، وهو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وأحد مؤسسي فرقة «ذكرى» عام 2006. وهي تتكوّن من عازفين ومغنين جولانيين يسعون إلى كسر جدار العزلة وممارسة نوع من المقاومة الثقافية من خلال فنهم. وكانت أول إطلالة فنية للفرقة، أمام الجمهور الفلسطيني في أمسية أحيتها على مسرح القصبة في رام الله.
وسينتهي هذا اليوم بحفلة كبيرة في صالة الفيحاء الرياضية في دمشق، تشارك فيها الفرقة السيمفونية الوطنية وفرقة الكورال الكبير وأوركسترا الجاز السورية. وسيبلغ عدد الفنانين المشاركين فيه 200 عازف ومغني، مع جمهور كبير سيردد معهم عدداً من الأغاني الوطنية المعروفة كـ«بكتب إسمك يا بلادي»، «سوريا يا حبيبتي»، «في سبيل المجد»... وسيشكلون بمجموعهم أكبر كورال مغنين لأن الجمهور سيشارك في الغناء، كما قال ميساك باغبودريان قائد الفرقة السيمفونية الوطنية. الأمانة العامة للاحتفالية عقدت مؤتمراً صحافياً في مقرها، للتعريف بهذه الفعاليات، تحدث فيه كل من الدكتورة حنان قصاب حسن الأمينة العامة، والفنان سميح شقير، والمدير الفني لأوركسترا الجيش شربل أصفهاني.
الفنان سميح شقير الجولاني المولد، وأحد الفنانين الذين رسّخوا حضور الجولان في الوجدان العام من خلال أغنيات مثل «ياجولان يلي ما تهون علينا»، والذي صنع مزجاً مثمراً بين تراث الجولان وجبل العرب والأغنية السياسية الحديثة في عمله، قال إن حفلة عين التينة تسعى إلى «تعميق مضامين هذا اليوم وربطه بقضيتنا الكبرى الجولان، وما تعنيه من ربط مع فلسطين وكل مناحي الصراع». وأوضح أنه «منذ عام 1983 كرّسنا هذا الطقس، ذهبنا إلى عين التينة أو وادي الصراخ أو تلة الدموع والتقينا، هي مشاهد إنسانية بالغة التأثير». ثم وجّه دعوة إلى كل من لم يذهب إلى هناك، لأنه درس إنساني قبل أن يكون وطنياً، ليدرك عمق المأساة. ولفت إلى أن الغناء هذه السنة سيكون من الجهتين، ورأى أن في ذلك «دليل نضوج الملمح المقاوم في الفن». وأشار شقير إلى أن جهوداً استثنائية بُذلت لإمكان إيصال الصوت. وعقّبت الدكتورة حنان قصاب حسن بالقول إن الفكرة في البداية كانت تقتضي أن تعزف الفرقتان معاً، لكن صعوبات حالت دون تحقيق ذلك كالهواء وصعوبة التنسيق.
يذكر أن الفنانة الفلسطينية من أراضي 48 ريم البنا ستكون ضيفة مع فرقة «ذكرى» بعدما منعتها السلطات الإسرائيلية من الحضور إلى دمشق الشهر الماضي لإحياء حفلة بدعوة من الاحتفالية.