منذ الصفحة الأولى، يعترف المهندس شهاب «لا أعرف متى اجتمع لديّ كل هذا الغضب». يقرّر الخروج من غضبه مرتكباً جريمةً محكمة. يشرح نظريته لمصطفى صديقه وشريك جريمته المقبلة. هي نظرية عن «مصيدة» يعيش فيها الجميع. وعلى رغم أن المصيدة مفتوحة، إلا أنّ الخوف يمنع أياً كان من أن يختبر هذه الحقيقة. يقرّر شهاب أن يخترق مصيدته/ سجنه، إلا أنه يكتشف أن خارجها يقبع أناس «خايفين أكتر مننا بكتير».
لم يكتفِ مجدي الشافعي ـ الصيدلاني الذي أصبح فنّاناً تشكيلياً ـبأن يقدّم عملاً رائداً هو أول رواية غرافيك مصرية. إنّه يقدّم في روايته «مترو» (دار ملامح) عملاً جذاباً ومشوّقاً ومشتبكاً بالهمّ العام، فنّ القصص المصورة، ذا الريادة الفرنسية الذي يختلف عن الكاريكاتور المتسلسل، أو تحويل القصص الأدبية إلى لوحات
مصورة.
الرواية المصورة تخلق عالمها الخاص، بمفرداته وشخوصه وتفاصيله، ولا يمكن تحويلها أو استعارتها أو اقتباسها في شكل فني آخر. وهذه الشروط تنطبق إلى حد كبير على «مترو». إذ إنّ فكرتها زارت المؤلف قبل خمس سنوات، وقد شجّعه على إتمامها أصدقاؤه ومن بينهم أدباء شبان معروفون، وساعده مصوّرون محترفون على التقاط كادرات للمواقع الأصلية التي تدور فيها أحداث الرواية. هكذا، استطاع الشافعي ـ كتابةً ورسماً ـ احتواء روح الشارع المصري في 92 صفحة من القطع الكبير. أمّا الفنان الرائد محيي الدين اللباد، فقد أعطى المؤلف «إشارة النهاية»، و«لولا ذلك لما تمت الرواية» كما يذكر المؤلف في نهاية الكتاب.
يستخدم الشافعي عبر الصفحات المرسومة لغة حوار عامية مصرية، ويقتبس من الشارع ألفاظه حتى ما كان منها فائق البذاءة. ربما لأجل هذا، كتب على غلاف كتابه «للكبار فقط». إلا أنّه في كل الأحوال لا يقدّم شيئاً ليس موجوداً بغزارة في شوارع القاهرة: الزحام والوجوه الهائمة، استئجار «البلطجية» للتحرش بالصحافيات المتظاهرات، الكساد والأزمة الاقتصادية الخانقة تبطل الشباب، اللاعب محمد أبو تريكة قدوة الفقراء وأملهم، العصابات والفسدة، جريمة قتل يرتكبها مجرم ويتورط فيها بريء يحاكمه الإعلام الرسمي ويشهّر به، رنّات الموبايل، محطات المترو المتعاقبة التي يحمل كل منها اسم أحد رؤساء مصر وزعمائها، «الجزمجي» الذي يحوّله ضعف بصره إلى شحاذ، عالم البيزنس، والقروض التي يتورط فيها «كبار»، الجريمة تظهر أو تختفي بجرة قلم
نافذ...
مغامرة البطل شهاب، ليست سوى مشروع للسطو على أحد المصارف. عملية مُحكمة، إذ تنجح سرقة بنك نجاحاً باهراً، على رغم المفاجآت... إلا أن النهاية تخبّئ لنا مفاجأة
أكبر!