strong>محمد عبد الرحمنحين تطلب ليلى علوي 900 ألف دولار مقابل «ليلة الرؤية»، وتشترط نبيلة عبيد 720 ألفاً لدخول «البوابة الثانية»... يأتي الفنانون العرب ليبدّلوا شروط اللعبة في السوق الدرامية. أزمة الأجور تتصاعد ومسلسلات الموسم شاهد على ذلك
عندما تكون الميزانية المحدّدة لعمل درامي رمضاني هي 15 مليون جنيه (أقلّ من 3 ملايين دولار)، وتطلب بطلة المسلسل الحصول على خمسة ملايين جنيه (حوالى 900 ألف دولار)، فإن الحلّ الوحيد أمام المنتج ـ أيّ منتج ـ هو تجميد المشروع حتى إشعار آخر. هذا ما حدث فعلاً مع مسلسل «ليلة الرؤية»، بعدما رفضت ليلى علوي جميع المفاوضات التي تتعلق بخفض أجرها، والالتزام بالحدّ المسموح به في سوق المسلسلات والنجوم.
وأجر علوي المبالغ فيه، جاء ليؤكد أن الدراما المصرية لا تزال تعاني أمراضاً مزمنة تتعلق في معظمها بالنجوم الكبار وطريقة تعاملهم مع السوق. إضافةً إلى اهتمامهم بمسائل عدة، لا يندرج المستوى الفني للمسلسل بينها. ولعلّ السبب في ذلك يعود إلى أن ليلى وأخواتها بلغن مرحلة، لم يعد الحضور المستمر فيها، هو الأهم بالنسبة إليهن. إنما الحصول على أجور تضمن لهنّ المردود المادي الجيد أولاً، ثم تؤكد أنهن ما زلن الأعلى أجراً في السوق. كلُّ ذلك دفع بليلى علوي إلى رفض فكرة التفاوض، حتى الآن على الأقل. وقد ردّد بعضهم «يبدو أن علوي غير عابئة بالضرائب»، إذ أوقفت العادة القديمة بتحفظ النجوم على إعلان أجورهم. وكثيراً ما تكتب هذه الأرقام بقيمة أقلّ في العقود، هرباً من ملاحقة موظفي مصلحة الضرائب.
لكن الخسارة الأكبر كانت من نصيب المخرجة رباب حسين التي أكدت في اتصال مع «الأخبار» أنها لا تجد مبرراً لتصرفات ليلى علوي. وتقول: «تركتُ شركة «الباتروس»، وأخذت معي نص محمد جلال عبد القوي إلى المنتج حسين نوح الذي رحّب بتجدد التعاون مع ليلى بعد «بنت من شبرا»، ورصد ميزانية وصلت إلى 15 مليون جنيه. لكن علوي فاجأت الجميع، وطالبت بالاستحواذ على «ثلث» الميزانية». وتُعلّق حسين: “إذا وافقنا على ذلك، فسيترك هذا الرقم تأثيراً سلبياً في بقية العناصر الفنية في المسلسل، نتيجة ضعف الإمكانات الإنتاجية». ولم تُخفِ المخرجة المصرية دهشتها من «مبالغات ليلي» التي لا تعيش حالياً قمة الجماهيرية التلفزيونية، حيث يتربّع يحيى الفخراني ونور الشريف، وبعدهما يسرا. علماً أن المرشّحة الأولى للدور كانت سمية الخشاب، يوم كان المسلسل من نصيب شركة «الباتروس» التي أنتجت آخر 3 أفلام للخشاب.
وبعيداً من دهشة رباب، والمسلسل الذي توقف حتى إشعار آخر، يردد عاملون في الوسط الفني أن المبالغة في أجور النجمات، تمثّل عادة غطاءً لرغبة هذه الفنانة أو تلك في الاعتذار عن البطولة، على أن يكون السبب المعلن هو عدم حصولها على الأجر الذي تستحقه. وهي، في الوقت نفسه، تكون قد قطعت الطريق على بطلة أخرى، تخشى أن يقال إنها رضيت بما رفضته زميلتها.
أما قصة ليلى علوي، فتذكّر بما حدث أخيراً مع نبيلة عبيد. الفنانة المخضرمة كانت قد طلبت 4 ملايين جنيه (حوالى 720 ألف دولار) لبطولة مسلسل «البوابة الثانية» المعطّل منذ عامين. وتردّد آنذاك أنّ نبيلة قد توافق على أجر أقل من الرقم المعلن، لكن مع إيهام الإعلام بأنها فازت بالملايين الأربعة.
واللافت أن ثلاثي الملايين (الفخراني والشريف ويسرا)، لم يعلنوا قطّ عن أجورهم ولم يدخلوا في نزاع من هذا النوع، وخصوصاً أنهم يتعاملون مع شركات الإنتاج نفسها منذ مدة، بخلاف علوي وعبيد ونادية الجندي وإلهام شاهين اللواتي يقدمن كل مسلسل مع شركة مختلفة. بالتالي، توثقت العلاقات بين النجوم الثلاثة وشركاتهم بشكل جعل بورصة الأجور سرية إلى حد كبير. من هنا، لا يعرف أحد إن كان أجر الفخراني قد وصل فعلاً إلى أربعة ملايين جنيه، أو أن الرقم مبالغ فيه، يبقى الهدف منه إثارة «غيظ» باقي النجوم. علماً أن خبراء في السوق يؤكدون أن أجر الفخراني، لو وصل إلى هذا الرقم، فإنه لا يمثّل عبئاً على الشركة المنتجة بسبب فرص التسويق الكثيرة التي قدمت إلى مسلسل «حمادة عزو» مثلاً.
فصلٌ آخر من معركة الأجور، بدأ بين رزان مغربي ونيكول سابا، إذ تردّد أن رزان غاضبة بسبب حصول نيكول على مليون ونصف مليون جنيه مقابل مشاركتها في مسلسل «عدى النهار». بينما لم يتعدَّ أجر رزان ربع مليون جنيه فقط. إلا أن تامر مرسي، منتج المسلسل، أكد لـ»الأخبار» أن كل ما قيل بهذا الشأن هو مهاترات صحافية، و“ربما رغبة بعضهم في زيادة أسهمه في بورصة الأجور لاحقاً». ورفض مرسي الكشف عن أجور الممثلتين اللبنانيتين، مكتفياً بالتعليق: «لو كان أجر نيكول سابا مليون ونصف مليون جنيه، فكم سيتقاضى صلاح السعدني وسمير صبري وعفاف شعيب ونهال عنبر وغيرهم من أبطال المسلسل؟».
والاستعانة بممثلتين لبنانيتين في مسلسل واحد، لا يعود فقط إلى طبيعة دورَيهما، ولا إلى تراجع عدد الممثلات المصريات. إنما يضاف إلى كل ذلك انخفاض أجور الفنانين العرب مقارنة بالمصريين. لذا، لم يعد غريباً أن تطل صبا مبارك في «نسيم الروح»، ويكرر أيمن زيدان التجربة في «بيت الباشا». بينما لم ينجح نجوم السينما الوافدون حديثاً إلى التلفزيون (راجع البرواز) في الحد من استعانة المنتجين، بالفنانين العرب. شريف منير مثلاً طلب 2 مليون و250 ألف جنيه لبطولة مسلسل «قلب ميت» وما زالت المفاوضات مستمرة لخفض المبلغ. ذلك أن تخطّي حاجز المليونين يعني أن هذا الفنان دخل قائمة أصحاب الفرص التسويقية الكثيرة، وهو ما ينطبق على عدد قليل جداً من النجوم ليس بينهم منير، الغائب عن التلفزيون منذ 12 عاماً.
بينما أنقذت مي عز الدين مشروع مسلسل «قضية صفية» بعدما وافقت على بطولته، على رغم أن الترشيح الأول كان من نصيب منى زكي. لكن التفرغ وفرق الأجر جاء لمصلحة مي عز الدين. علماً أن المشروع كان قبل ثلاث سنوات لحنان ترك قبل ارتدائها الحجاب. وغياب ترك أسهم في ارتفاع كبير لأجور بنات جيلها بعدما ابتعدت هي عن الساحة، كما يؤكد بعض النقاد في الوسط الفني.


الغـزاة الجددوبين هذه التصريحات وتلك، يعرف الممثلون جيداً أن الفنان لا يلجأ إلى التلفزيون إلا في حال تراجُع أسهمه سينمائياً. واللافت انتقال أربعة وجوه سينمائية، دفعة واحدة، إلى التلفزيون هذا الموسم، مع أنهم لم يشيروا إلى تلك الخطوة من قريب أو بعيد.
شريف منير الذي قدم خمسة أفلام خلال عام ونصف، يعود مع «قلب ميت» بعدما تراجعت فرص استمراره سينمائياً، إثر خلافه مع المنتجة إسعاد يونس، وعدم تحقيق أي من أفلامه إيرادات جيدة. وحظوظ مصطفى شعبان على الشاشة الفضية تراجعت أيضاً، بعد ضعف إيرادات فيلم «جوبا»، فعاد إلى التلفزيون مع «نسيم الروح». بينما جاء أحمد رزق بديلاً لكريم عبد العزيز في «هيما»، إذ إن هذا الأخير يصور فيلمين كل عام، معتمداً على إيراداته المرتفعة وثقة المنتجة إسعاد يونس بجماهيريته. أما رزق فلم يحالفه الحظ في العودة إلى البطولة السينمائية من جديد، وآخر أفلامه «حوش اللى وقع منك» حقق إيرادات ضعيفة، وبالتالي كان الترحيب بـ«هيما» واجباً. وأخيراً، تطل مي عز الدين التي لم تكن في أفضل حالاتها مع مسلسل «بنت بنوت»، وإذا بإيرادات «شيكامارا» تدفعها إلى قبول مسلسل « قضية صفية». فالسينما لم تعد تنتظر أحداً مع التغيير المستمر في بورصة النجوم، بينما يفتح التلفزيون بابه للجميع... وإلا فمن سيقوم ببطولة خمسين مسلسلاً، تطارد الصائمين طوال شهر رمضان؟