نوال العليلم يكن مألوفاً أن يكتب الفلسطيني عن قضيته إلا بواحدة من طريقتين: غنائية وشعرية وعاطفية، أو سياسية جامدة. لكنّ الكتابات الجديدة جاءت لتقدّم المسألة الفلسطينية بطريقة جمعت بين العاطفة والعقل. وقد يكون «قلب الحمار» (بيت الشعر الفلسطيني) للشاعر الفلسطيني عبد الرحيم الشيخ واحداً منها.
إنّه كتاب المجازات الفلسطينية التي تستخدم السيرة الذاتية التي نشرها شارون بعنوان «محارب»، لتدينه وترى أنه مسؤول عن مجزرة صبرا وشاتيلا، في الوقت الذي يبرئ فيه شارون نفسه في تلك السيرة. يقيم الشيخ محاكمة مجازية لشارون، مستعرضاً حقائق تاريخية للمذبحة. ويختار من سيرته مقاطعَ يمكن استنباط الإدانة منها. يبني الشيخ، أستاذ الفلسفة في جامعة بيرزيت، كتابه على 12 مجازاً يبدأها بـ«قلب النبي» وينهيها بـ«قلب الحمار». ويقتبس عنوان كتابه من الرواية التوراتية في سفر العدد، حين أرسل ملك مؤاب في طلب النبي العراقي بلعام ليلقي بلعنته على اليهود الذين حلّوا بين الأردن وأريحا. ترد هذه القصة في فصل «مجاز الحبكة بين الشاعر والجنرال» وفيه يتحدث الشيخ عن إعجاب شارون بالشاعر محمود درويش. بينما يستذكر أنّ درويش قال مرةً متندّراً «يجب الانتباه إلى أن شارون أكبر تاجر لحوم على الساحل السوري» ويجب التنبّه لذلك «عند التفريق بين التطبيع مع الآخر... ومعرفته والتعامل معه اقتصادياً». ويتساءل الشيخ إذا كان شارون ليس خصماً جمالياً أو منافساً في صوغ غنائية ذاكرة مغايرة للمكان الفلسطيني، «فما الذي يدعو شاعراً للحديث عن جنرال.... وما الذي يدعو جنرالاً للحديث عن شاعر، إن لم يكن كلاهما مخارجاً لحد الاعتياد؟» وفي«مجاز المحكمة بين كافكا وشارون»، يقارب الشيخ بين رواية كافكا «المحكمة» وبين محاكمة شارون، في ضوء ما قاله سارتر عن الرواية بأنّها تجسد ما عايشه اليهودي في العالم من عسف. فالبطل لا يعرف قضاته ومحاميه وذنبه. يقول الشيخ «لا سبيل إلى نجاة شارون بوصفه متهماً لا يعرف ضحاياه... الكل ماثل في مذكراته التي تشبهه تماماً: بدانةً، وتلويثاً، ودماً...».
ويختم الشيخ بالحديث عن تخوّف كثيرين من محاكمة شارون، فالأمر يذكر بسرقة بروميثيوس سر النار من الآلهة ومنحه للبشر، أو عقاب الآلهة له بخلق باندورا وفتح صندوقها، وبذلك تحلّ لعنة الآلهة على الجميع.