strong>صباح أيوب
في خضمّ الصراع الدائر اليوم بين أكبر المؤسسات التي تعنى بشؤون البرمجة والإنترنت ومحرّكات البحث، وفي موجة التنافس الأخيرة التي تتصاعد يوماً بعد يوم بين «مايكروسوفت» و«غوغل» على شراء «ياهوو»، لا يخفي أيّ من هؤلاء أنّ أحد الأسباب الأساسية وراء هذا التنافس المحموم هو الدعاية الإلكترونية التي تفتح الباب على أزمة أخرى تطال التلفزيون والصحف والمجلات أيضاً. يدرك جميع الفاعلين في هذا المجال أنّ مستقبل التسويق هو بين يدي الدعاية الإلكترونية. وفيما بدأت هذه الظاهرة بشكل «خجول» نسبياً منذ 10 سنوات، ها هي تمثِّل اليوم منافساً جدّياً لإعلانات الراديو والمجلات، اذ يُتوقّع أن يأتي الـ«ويب» (أو المواقع الإلكترونية) في المرتبة الثالثة بعد التلفزيون والصحف من حيث أفضل الأماكن للتسويق والدعاية في الـ2010. اللعبة بدأت تتخذ شكلاً متناسقاً ومربحاً بين شركات الإعلان والشبكة العنكبوتية منذ أن «صعد نجم» المحرّكات البحثية مثل «غوغل» و«ياهوو»، حيث وجدت الشركات الإعلانية مجالاً جديداً لتبث أفلامها وشعاراتها وتسوّق لأشهر الماركات. وفي المقابل ابتكرت محرّكات البحث طرقاً لتزيد أرباح شركاتها المعلنة ولتسجّل نسبة زائرين وإقبالاً ومشتركين في مواقعها، إذ استحدثت خدمات مثل الرسائل السريعة على صندوق البريد الإلكتروني أو على الهاتف النقال للمشترك كما نذكر خدمة «رعاية الوصلات» التي اخترعها محرّك البحث «غوغل» الذي قدّم للمعلنين فرصة رعاية كل وصلة إلكترونية يقدمها للباحث... ما أدّى إلى تسجيل ربح أكيد للجانبين (المعلِن والموقع). واليوم، يثار جدل كبير وتسجّل مخاوف أكبر من موجة تراجع الاقتصاد الأوروبي وتأثيره على الإعلانات الإلكترونية التي لا تزال تسجل نسبة ضئيلة جداً مقارنة بأرباح الإعلانات الإلكترونية في الولايات المتحدة الأميركة، حيث من المتوقّع أن يصل المبلغ الذي يصرفه المعلنون على إعلاناتهم الإلكترونية إلى (27,6 مليار دولار) في عام 2008، بينما قد لا يصل إلى نصف هذا المبلغ في الدول الأوروبية. وهذا يعود بشكل أساسي إلى عدم اعتماد الشركات المعلنة الأوروبية على الشبكة الإلكترونية للترويج، بل تفضيلها، لغاية الآن، الوسائل الكلاسيكية مثل التلفزيون والصحف والمجلات. يقول موريس ليفي، مدير شركة «بوبليسيس» الإعلانية لصحيفة «لو موند» إنّه «إذا ما قرر المعلنون تقليص نفقاتهم من بعض الوسائل الإعلامية الكلاسيكية فسيلجأون لا محال إلى الإنترنت، حيث سيستثمرون بشكل أكبر». ومصدر القوة الذي لا يزال التلفزيون والصحف تحتفظ به هو المساحة الإبداعية التي لا تزال توفّرها للإعلان. إذ إن الموقع الإلكتروني لا يزال يفتقر إلى التقنيات التي تعتمدها بعض الإعلانات في أفلامها أو طباعتها، إذ يجد بعض المعلنون مساحة أكبر للخلق والإبداع على الشاشة الصغيرة أو على صفحات الصحف المطبوعة. لكن حتى في هذا الشأن، بدأت تلوح في الأفق محاولات إنشاء شركات إعلانية تعتمد تصاميم مخصصة للبث عبر الشبكة. فكم سيبلغ العمر الباقي للتلفزيون والصحف في المنافسة الإعلامية ـــــ الإعلانية الأشرس؟