أحمد الخليل
نادراً ما تستوقفني برامج المحطات الدينيّة التي تكرّس في غالبيتها خطاب التعصّب، وتنشر ثقافة الكراهية للآخر. لكنّ محور إحدى الحلقات الأخيرة من برنامج «الوسطية» الذي تبثّه قناة «الرسالة» ويقدمه المدير العام للمحطة طارق سويدان، كان يستحق التوقف عنده. ذلك أن الحلقة ناقشت تولّي المسيحيين للمناصب الرفيعة في الدولة الإسلامية، مستضيفةً المفكّر الإسلامي المصري محمد عمارة وداعية سعودياً وقسّاً وجمهوراً...
في الحوار، أكد الداعية السعودي ضرورة ألا يتولى شؤون المسلمين «واحد من الكفرة»، مشيراً إلى أنّه لا مانع من أن يكون عضواً في مجلس الشعب مثلاً، لأنّ هذا المنصب غير قيادي بل استشاري! بينما أشار محمد عمارة إلى أنّ الإسلام دين ودنيا. وهو الذي أثار زوبعة في القاهرة قبل مدة، واتهمه بعض الشخصيات المسيحية بإهدار دم الأقباط في مصر، في كتابه «فتنة التكفير بين الشيعة والوهابية والصوفية». وبالتالي، «من يطالبنا بعدم إقحام الإسلام في الحياة المدنية والسياسية، هو كمن يطالبنا بترك ديننا». وأضاف شارحاً: «إن الإسلام اعترف بالمسيحية واليهودية، بينما الأديان الأخرى لم تعترف بالإسلام. وهذا يحتّم أن تكون القيادة بحسب أغلبية السكان للمسلمين». أما القسّ فرأى أنّ النظام العلماني يحلّ جميع المشاكل، عبر فصل الدين عن الدولة، «فالعبادة شأن فردي خاص بين الفرد وربّه»، مذكّراً بأن «المسيحيين يؤمنون بالله الواحد، لذا ليسوا كفرة»!
وعلى رغم التصريحات النارية التي أُطلقت في حلقة قناة «الرسالة»، وهي إحدى قنوات باقة «روتانا» الترفيهية التي يملكها الوليد بن طلال... كان لافتاً تصفيق جمهور الاستديو بحرارة لكلام الداعية السعودي والمفكر المصري، كموافقة على آرائهما المتطرفة، ودلالة على المزاج العام الميّال إلى إلغاء الآخر...
وخطورة الرسائل التي تبثها القنوات الدينية تذكّر برأي جريء لمفتي سوريا الدكتور أحمد بدر الدين حسون، الذي شدد على ضرورة إعادة النظر في قضية الفضائيات الدينية، «لأنها في أكثر الأحيان أخطر من الفضائيات الفنية. ذلك أن الفضائيات الفنية يمكن أن أتجنّبها وأن أغلق الباب عليها، أما الفضائيات الدينية فتتدخل في عقيدتي. تتدخل في قيمي وديني... وإن انحرفت فإن انحرافها يؤدي إلى صدام الأمة ودمارها في أكثر الأحيان».