القاهرة ــ الأخبار
بينما لا تزال القاهرة تتعرض لانتقادات إعلامية وحقوقية بسبب تورّطها في إمرار الوثيقة التي اعتمدها مجلس وزراء الإعلام العرب أخيراً، بعنوان «مبادئ تنظيم البثّ والاستقبال الإذاعي والتلفزيوني الفضائي في المنطقة العربية»... أعلن وزير الإعلام المصري أنس الفقي أخيراً أن الرئيس حسني مبارك سيعطي إشارة البدء لتصنيع القمر الصناعي المصري الثالث «النايل سات 1020» خلال الأسابيع المقبلة.
ونفى الفقي أن تكون الوثيقة التي أقرّها وزراء الإعلام العرب، تهدف إلى تقييد الحريات. لكنه في المقابل، رأى أنّ المشكلة تكمن في أن بعض الفضائيات العربية تنشر الفكر الطائفي وتحاول فرض رأي أحاديّ والتعبير عن قبليات، كما تنشر العري الذي يسيء إلى عادات مجتمعاتنا العربية.
وزعم الفقي أنه ليس هناك إعلام مستقلّ في العالم العربي حتى الآن، رابطاً الإعلام المستقلّ بامتلاك المواطن ـــــ من خلال شركات مساهمة كبرى ـــــ لهذه القنوات. وأن يكون لهذه المحطات مجالس أمناء لوضع السياسة الإعلامية، على أن تدار بمعرفة إدارة مستقلة عمّن يملكون رأس المال، و«هذا النموذج غير موجود في العالم العربي». وكانت منظمات مصرية وعربية معنية بحقوق الإنسان قد انتقدت وثيقة تنظيم البثّ الفضائي. وأشار مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إلى أنّ هذه الوثيقة التي تتسترّ وراء لافتات أخلاقيات العمل الإعلامي، تستهدف بالدرجة الأولى منح غطاء قومي وأخلاقي زائف لتقليص هامش الحرية الذي تمتعت به وسائط البث في عدد من البلدان العربية.
ورأى المركز أنّه من المثير للسخرية أنّ الجامعة العربية التي فشلت في إحراز إنجاز واحد في قضايا العرب المصيرية من فلسطين والعراق إلى لبنان والسودان، يجري استخدامها منصّة لهذه الهجمة «الوحدوية العربية» على حرية التعبير.
وجاءت هذه الوثيقة بمبادرة من حكومة مصر، حيث تشهد الحريات الإعلامية تدهوراً خطيراً، تمثّلت أبرز مظاهره في أحكام السجن التي تهدد خمسة من رؤساء تحرير الصحف الحزبية والمستقلة دفعةً واحدةً، بخلاف مئات الدعاوى القضائية بحقّ الصحافيين التي ما زالت قيد الدرس عند المحاكم أو جهات التحقيق المعنية. إضافة إلى حملات التحريض على الصحافة والفضائيات التي يشارك فيها مسؤولون ووسائل إعلام حكومية، تحت دعوى الخروج عن أخلاقيات المهنة والإساءة إلى سمعة مصر، من خلال نشر تجاوزات الشرطة بحق المواطنين ووقائع التعذيب. كما لا يخلو من دلالة أيضاً أن تنضم إلى هذه المبادرة المملكة العربية السعودية التي تمارس سطوتها ونفوذها ليس فقط على وسائل إعلامها المحلية، إنما على عدد من وسائل الإعلام العربية.
وبينما يروّج أصحاب هذه المبادرة بأنّها تهدف إلى الارتقاء بالأداء الإعلامي، وحماية القيم الأخلاقية والتصدي لدعاوى الجهل وإشاعة الخرافة والدجل، فإن هدفها الأسمى ــــــ وفقاً للمنظمات الحقوقية ــــــ يتبدّى في تحصين النظم العربية وسياساتها وممارساتها ورموزها من النقد. إضافة إلى الحيلولة دون مناقشة المشكلات الكبرى التي تعانيها المجتمعات العربية، والتي تجعلها أكثر مناطق العالم تخلّفاً.