محمد عبد الرحمن
من منّا لا يذكر «دموع في عيون وقحة» و«الثعلب»
و«رأفت الهجان»... مسلسلات الجواسيس التي مثّلت علامة فارقة في الدراما المصرية تعود اليوم، بدعم غير مسبوق من وزير الإعلام أنس الفقي. فهل يكتب النجاح لمهمة «سامية فهمي» وزملائها؟

لم تأتِ الدراما المصرية التي تناولت ملف الجواسيس بين مصر وإسرائيل، بالكمّ الذي يناسب الصراع المستمر منذ خمسين عاماً، خصوصاً بين الموساد والاستخبارات المصرية. وفيما طبعت في الذاكرة مسلسلات مثل «دموع في عيون وقحة» و«رأفت الهجان»، دخلت الأعمال الأخرى طي النسيان.
وكان المستوى المتوسط لآخر عمل تناول هذا الملف، وهو «العميل 1001» لمصطفى شعبان، دليلاً كافياً على أنّ صناعة دراما الجاسوسية تحتاج إلى تضافر عوامل عدة، لا تندرج نجومية الممثل ضمنها. وخير مثال على ذلك عدم الانتشار الكافي لمسلسلي «الثعلب» مع نور الشريف، و«السقوط في بير السبع» مع سعيد صالح، علماً أنّ هذا المسلسل تناول شخصيات مصرية، تجسست لمصلحة إسرائيل لا العكس.
وبالتالي، أصبح واضحاً أنّ وقوف التلفزيون الرسمي بكل قوته الإعلامية والمادية وراء دراما الجواسيس يعدّ محاولة جدية لضمان نجاح أي مسلسل جديد، يندرج ضمن هذا الإطار. وخوض التلفزيون المصري لهذه التجربة، يعني توفير رعاية لكل العناصر، لعلّ أبرزها ترغيب النجوم في المشاركة به. والمقصود بالتلفزيون هنا، وزارة الإعلام نفسها، لا الجهات الإنتاجية التابعة لها. لذا، يعزو بعضهم دعم وزير الإعلام أنس الفقي شخصياً لمشروع عودة دراما الجواسيس، إلى حاجة الإعلام الرسمي إلى عمل، يعيد دور التلفزيون في حشد الرأي العام تجاه قضية معينة، خصوصاً أن الشاشة الرسمية اتهمت بالتقاعس عن انتاج مسلسل «الملك فاروق»، وأن العلاقات السياسية بين مصر وإسرائيل توترت قليلاً في الفترة الأخيرة. أضف إلى ذلك الكشف عن عدد من الشبكات الجاسوسية داخال القاهرة وضواحيها خلال السنتين الأخيرتين. كل ذلك دفع بالفقي إلى دعم مسلسل «سامية فهمي» الذي رشحت لبطولته منة شلبي، وتدور قصته حول فتاة وطنية عملت لمصلحة الاستخبارات المصرية، قبيل انتصار أكتوبر 1973.
كتب الرواية منذ سنوات صالح مرسي، أشهر مؤلفي دراما الجواسيس، لكنه لم يحولها آنذاك إلى نص تلفزيوني قابل للتنفيذ الفوري. وبينما تواترت خلال الأشهر الماضية، أنباء عن اعتزام بعضهم تقديم القصة تلفزيونياً، ها هو المشروع يدخل حيز التنفيذ، بعدما أعلن بشير الديك انهماكه بكتابة السيناريو الذي رشّح نادر جلال لإخراجه. وأكد المنتج محمد شعبان أن منة شلبي وافقت على المشروع مبدئياً، فيما رشح كل من أحمد السقا وهاني سلامة وخالد النبوي للبطولة. لكن القائمة النهائية ستعلن بعد الانتهاء من كتابة السيناريو، مطلع آذار (مارس) المقبل. وتوقع شعبان أن تصل ميزانية المسلسل إلى 16 مليون جنيه (أقلّ من 3 ملايين دولار) بسبب طبيعة مسلسلات الجواسيس ذات التكاليف الباهظة، إضافة إلى الاستعانة بنجوم السينما المعروفين بأجورهم العالية.
من جهته، أكد بشير الديك أن سامية فهمي ليس الاسم الحقيقي للشخصية، لكن الراحل صالح مرسي، صاحب «رأفت الهجان»، هو من اختار هذا الاسم. علماً أنها لم تكن جاسوسة بالمعنى المألوف للكلمة، بل فتاة ارتبطت بشاب ضعف أمام الإغراءات الإسرائيلية، ثم نجحت الاستخبارات المصرية في تجنيد الحبيبة للإيقاع بخطيبها الخائن، على أن تستمر مدة الأحداث أربعة أشهر فقط. وأكد الديك أن «سامية فهمي» الحقيقية ما زالت على قيد الحياة، وسيحاول اللقاء بها للاقتراب أكثر من عمق الشخصية. فيما المعلومات والوقائع تتوافر في أوراق صالح مرسي الذي اقترب كثيراً من ملفات جهاز الاستخبارات المصرية.
ويعدّ المسلسل عودة قوية لمنة شلبي إلى شاشة التلفزيون بعد آخر أعمالها «سكة الهلالي». وكانت الراحلة مديحة كامل قد جسّدت في فيلم «الصعود إلى الهاوية» (إنتاج 1978) شخصية هبة سليم التي جنّدها الموساد الإسرائيلي قبل أن تقع في يد الاستخبارات المصرية. كذلك قدمت إسعاد يونس في «السقوط في بير سبع»، دور زوجة الجاسوس الخائن، وهي جندت ابنها أيضاً في الشبكة ذاتها.
غير أن تنفيذ «سامية فهمي»، لا يعني أنه سيكون الوحيد في الملعب خلال 2008. إذ أوشك المخرج إبراهيم الشوادي على الانتهاء من تنفيذ مسلسل «العنكبوت» الذي يعاني غياب النجوم، بشكل يرشّح عرضه على القنوات غير الرئيسة. ويشارك في البطولة كل من نرمين الفقي وأحمد عبد العزيز ومحمد رياض، ويتناول العمل قصة أكبر شبكة تجسس عرفتها مصر خلال فترة السبعينيات، خصوصاً بعد معاهدة السلام مع إسرائيل. وكانت هذه الشبكة تعمل في مجال المعلومات تحت غطاء «التعاون الإقليمي والسلام المشترك». وهناك عمل ثالث، يدور حول حياة القائد عزيز المصري، من المفترض أن يبدأ المخرج مدحت السباعي تصويره قريباً. والجاسوسية في هذا المسلسل تعود إلى زمن الحرب العالمية الثانية والصراع بين الألمان والإنكليز، علماً أن التجسس بين مصر وإسرائيل ما زال الأكثر جاذبية لدى الجمهور، مقارنة مع أي قصص تجسس أخرى قدمتها الدراما المصرية في التلفزيون أو السينما.