محمد عبد الرحمن

من كان يتصوّر أنّ تلك الفتاة التي شغلت العالم ببدلة رقص واحدة، ستختفي حالما يقرّر شريف صبري ذلك. المنتج الشهير ملّ «دميته»، بعدما اكتشف «قدرته» على صناعة ألف مغنّية. وحادثة روبي أيقظت الرعب مجدداً في الوسط الفني: إلى متى يتحكّم مديرو الأعمال وشركات الإنتاج في نجوم الأغنية الشبابية؟

لم يمثّل خبر انفصال روبي عن المخرج شريف صبري أي مفاجأة للصحافة الفنية، حتى إن بعضهم تساءل: لماذا تأخّر الإعلان عن الانفصال كلّ هذا الوقت؟ فمنذ عرض كليب «مشيت ورا إحساسي» قبل عام تقريباً، وحتى قبل أن تتهافت الفضائيات على هذه الأغنية، كان واضحاً أن المنتج الشهير قد قرر التخلي عن مشروعه «الكبير»:
تحويل موديل الإعلانات رانيا حسين توفيق إلى النجمة روبي! لكن الكشف عن تفاصيل الانفصال المهني، تأخر حتى مطلع هذا الأسبوع، عندما أعلن صبري تنازله عن الشروط الجزائية في العقد الموقّع بين الطرفين، مطلقاً سراح روبي... إلى المجهول.
العلاقة بين صبري وروبي هي من أي دون مبالغة، أغرب العلاقات الفنية في الوسط الغنائي المصري اليوم. ذلك أنّ النزاع بين شيرين ونصر محروس مثلاً، الذي وصل إلى حدّ قبول الأولى بدفع الملايين حتى تنتقل إلى «روتانا»، كان منطقياً. ففي نهاية المطاف، هي مغنية طالبت بحقوق، رفض مكتشفها الاعتراف بها، بعدما زادت شهرتها. وذلك بحجة أنها وقّعت عقد الاحتكار برضاها.
لكن الوضع يختلف تماماً مع روبي. هي، منذ البداية، قدّمت نفسها كدمية متحرّكة، يتحكم فيها شريف صبري حتى في ما يخصّ علاقتها بالأصدقاء والجيران. كيف لا وهو من حوّل تلك الفتاة التي شاركت في الكثير من الإعلانات، وقدمت بعض المشاهد في فيلم «سكوت حنصوّر» ليوسف شاهين، إلى حديث الناس. والحديث هنا لا يتعلق بمستوىأغانيها طبعاً، بل بثورتها على المألوف عندما مشت في شوارع باريس، تتمايل ببدلة رقص على إيقاع أغنيتها الأولى («انت عارف ليه»). ثم توالت الكليبات الصادمة، قبل أن يقرر صبري إقحام روبي في مجال السينما. وهنا، بدأت أسهمها بالانهيار: هكذا، حقّق فيلمها «سبع ورقات كوتشينة» فشلاً ذريعاً، مؤكداً أنّ جمهور الكليبات لا يطبق القاعدة نفسها في صالات العرض. مع ذلك، ظلّ صبري يراهن على بقاء نجمته تحت الأضواء: يعلن أولاً أنّه سينجز فيلماً تسجيلياً عنها، ثم يتراجع مؤكداً أنّ الجديد يضاف كل يوم إلى حياة روبي، ومن الصعب تالياً تحقيق الفيلم! ثم يمهّد لطرح ألبومها الثاني من خلال بثّ أجزاء من كليب «مشيت ورا إحساسي» عبر الهاتف الخلوي، وينفي شائعات عن غنائها بملابس فاضحة أمام الأهرام. ثم يؤكد أنه أعاد بنفسه التوزيع الموسيقي لكل أغنيات الألبوم. حتى عندما كانت تطلّ في الإعلام، أو في المناسبات عامة، كانت ترفض الرد على أسئلة الصحافة، مشيرة بيدها صوب المخرج الشهير الجالس إلى جوارها، قائلة: «اسألوه»! كما بقيت لسنوات حبيسة شقتها، لا تخرج منها إلا في ما ندر. وذلك لأن تعليمات صبري تجبرها على ألّا تصبح متاحة للصحافة والجمهور. هكذا، بقيت روبي ظاهرة إعلامية أكثر منها فنّية، وخصوصاً أنّ صبري حرمها الحفلات، ما عدا حفلتين فقط على مدى أربعة أعوام. كما رفض عروضاً لمشاركتها كممثلة في أعمال من إخراج آخرين وإنتاجهم.
ما الذي حدث إذاً، حتى يتخلى المخرج عن ورقته الرابحة؟ الجواب: لم يعد يجد صبري وقتاً كافياً لرعايتها بسبب أعماله الأخرى. ذلك أنّه صاحب إحدى أشهر وكالات الإعلان في مصر. وهو أيضاً مخرج كليبات معروف تعامل سابقاً مع عمرو دياب وسميرة سعيد و راغب علامة... لذا، قرّر صبري ـــــ على حدّ زعمه ـــــ أن يطلق سراح روبي، ويتنازل عن 15 مليون جنيه (أكثر من مليونين ونصف مليون دولار)، قيمة الشروط الجزائية في العقود التي وقعتها روبي معه قبل خمس سنوات. ماذا يعني ذلك؟ لقد مّل شريف صبري هذه اللعبة بعدما جنى ثمارها. أكد قدرته على تحويل فتاة شعبية، تعاني مشكلات أسرية اجتماعية ومادية، إلى نجمة تتصدر الأغلفة في أقل من عام واحد. أدرك أن الصورة أصبحت مصدراً للشهرة والأضواء، وأنَّ من صنع روبي، قادرٌ على صناعة غيرها، وربما بطريقة مثيرة أكبر للجدل.
وسط كل ذلك، يبقى السؤال: ما مصير روبي التي لا تزال تلتزم الصمت: هل حقاً باتت عبئاً على الساحة الفنية، كما وصفها أحد النقاد أخيراً؟ هل ستجد شركة إنتاج بسهولة؟ وهل ستقبل أن تعامل مثل باقي مطربات الشركة، بعدما كانت مطربة شركة صبري الوحيدة؟ كيف ستتعامل مع الصحافة، وإلى أي مدى هي متمسكة بالبقاء تحت الأضواء، أم أن خروجها من عباءة صبري مقدمة لخروجها بشكل نهائي من الحياة الفنية؟
هذه الأسئلة تمثّل مقدمة لأسئلة أخرى تتعلق بمستقبل الحسناوات الوافدات إلى عالم الغناء في السنوات الأخيرة. هل سيواجهن قريباً المصير نفسه، بعدما يملّ الجمهور من تلك التي تتمايل بـ«شورتها» القصير، وزميلة لها تتمايل وتتمدد وتتشعب... وماذا عن وضع الأغنية الشبابية، وسط صعود نجم أحدهم، ثم اختفائه بسبب غضب مدير أعماله منه، أو خلافه مع إحدى شركات الإنتاج. وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ حظ روبي كان أوفر من آخرين، أفضل منها صوتاً وموهبة، لكنهم يعانون مثلها مشاكل إنتاجية، وضعت استمراريتهم على المحكّ. ولعل أبرز هؤلاء المغني لؤي (صاحب أغنية «آه يا عيني»). هو لا يزال يدفع ثمن نجاحه عام 2003، وخصوصاً أن صراعه القضائي مع شركة «ميراج»، مستمرّ. ما يعني عدم قدرته على الغناء، اللهمّ إلّا في أغنيات الأفلام. الأمر عينه ينطبق على خالد عجاج الذي يعمل من دون جدوى لإنهاء ألبومه الجديد على نفقته الشخصية، بعد خروجه من «روتانا». هناك أيضاً محمد محيي الذي يذوق الأمرّين بعد انفصاله عن نصر محروس. كذلك تعيش جوانا ملاح أزمة في علاقتها مع شركة o-music لنجيب ساويرس. كذلك، ما زالت شاهيناز من دون شركة إنتاج، بعد خروجها من «روتانا»، والأمر عينه ينطبق على أنوشكا وغادة رجب. هذه عيّنة من واقع مغنين، يعيشون تحت رحمة المنتجين، من المحيط إلى الخليج...