جورج موسى
قبل ثماني سنوات، كانت الأغنية الخليجية قد نجحت إلى حدّ ما في اختراق سوق الكاسيت العربي، محققة انتشاراً مقبولاً في العالم العربي. يومئذ، وتزامناً مع انطلاق مهرجانات غنائية في دبي والكويت ومسقط وجدة، قررت قطر أن تدخل الساحة الفنية من بابها الواسع. حشد التلفزيون القطري جميع كوادره، لاقتحام خريطة النشاطات الفنية في شتاء الخليج، مراهناً على عنصرين أساسيين: استضافة فنّاني الصف الأول، ودعم المواهب القطرية الشابة. شيئاً فشيئاً، بدأت سهرات الدوحة، تلفت انتباه الصحافة العربية. إذ راهنت لجنته التنظيمة على الأصوات الجيدة، حتى إنها تردّدت كثيراً قبل أن توجّه دعوة إلى نانسي عجرم (تغني في الليلة الثانية من دورة هذا العام). واشترطت تقنيات عالية في الحفلات، ورفعت شعارات مستفزّة مثل «الطرب الأصيل»، ثم «ويبقى الطرب الأصيل». وعملت على تكريم رموز غنائية من العراق واليمن والمغرب العربي... فيما اشترطت قبل سنتين عدم إدخال أي آلة موسيقية كهربائية إلى خشبة المسرح، والاعتماد على الآلات الإيقاعية والوترية فحسب. وأخيراً، حرصت على تقديم تظاهرة بالغة الأناقة، تشترط الإبهار من ديكور المسرح إلى طريقة دعوة واستضافة وتسهيل عمل الصحافيين العرب...
لكن طبيعة المهرجان الاحتفالية والدعائية، لا تبدو كافية لتفعيل دور هذه التظاهرة. ذلك أن «الدوحة الغنائي» لم ينجح حتى الآن في تقديم فرصة حقيقية لمناقشة شؤون الفن وشجونه، وأن يصبح هذا المحور همّاً رئيسياً في الندوات التي تعقد على هامش الأمسيات الطربية! إضافة إلى كل ما سبق، يعيش مهرجان الدوحة هذا العام تحدياً مضاعفاً: هناك اللعنة التي طاردت معظم المهرجانات العربية هذا الصيف، وعزوف الجمهور عن حفلات «جرش» و«قرطاج»، وخفوت بريق «هلا فبراير». أمّا الأهم من ذلك، فانطلاقة «ليالي دبي» قبل أسابيع قليلة. وهذه الحفلات التي قدّمت مجاناً، قد تخفّف من حماسة جمهور الخليج الذي اعتاد زيارة الدوحة مع بدء فعاليات المهرجان. في النهاية، قد ينجح رهان الدوحة هذا العام. وسيكون لافتاً مثلاً أن يغني أحمد عدوية لسيد درويش، وأصالة نصري لبليغ حمدي، وكاظم الساهر لعبد الوهاب... أما أولى التباشير، فتأتي من القاهرة حيث قررت قناة «النيل للمنوعات»، وللمرة الأولى، نقل الحفلات بالتنسيق مع التلفزيون القطري. وهذا سيزيد من جماهيرية المهرجان في مصر.