بيار أبي صعب
هل بوسع المؤسسات الثقافية والإعلامية في لبنان، أن تؤكّد اليوم، بوضوح وحزم على الوحدة الوطنيّة وتعمل على ترسيخها؟ السؤال مطروح في لحظة صعبة، يبدو معها نجاح الطبقة السياسية قائماً على المقامرة بالسلم الأهلي، وجرّ البلاد مجدداً إلى هاوية بلا قرار؟ هل بوسع تلك المؤسسات أن تكون خشبة الإنقاذ التي تعيد الاعتبار إلى المجتمع المدني، فيما ملوك الطوائف بينون سلطتهم ووجودهم على تجاهل ذلك المجتمع وإلغائه؟
«النادي الثقافي العربي» أعلن قبل أيام أن «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب» الذي ينظمه مع «نقابة اتحاد الناشرين في لبنان»، سيقام في موعده المحدّد (13 ـــــ 27 الجاري). وأكد عمر فاضل، رئيس النادي، أن الإصرار على خوض المغامرة في هذا الظرف بالذات، ليس إلا تعبيراً عن إرادة الحياة لدى جميع اللبنانيين، وتمسكهم بالوفاق الوطني والاستقرار والتقدم... ولعلّه يعرف أنّ المعرض يعبّر عن تطلعات كثير من اللبنانيين (والعرب)، بالإبقاء على بيروت بؤرة نهضويّة، ومختبراً طليعياً، ومنارة فكريّة، وعاصمة للنشر والكتاب والحريّة. من هذا المنطلق نتمنّى ـــــ ولو بشيء من الطوباويّة ـــــ أن تبقى هذا التظاهرة العربيّة والدوليّة موعداً لكل المعنيين بالثقافة والكتاب، بمعزل عن الخنادق الفئويّة والانقسامات التي تثقل كاهل البلاد.
والكلام نفسه ينطبق على مؤتمر «حريّة الصحافة في العالم العربي» الذي تنظمه الزميلة «النهار» مع «الاتحاد العالمي للصحف»، في الذكرى الثانية لسقوط جبران التويني (9 و10 الجاري). حريّة الصحافة قضيّة مشتركة تعني اللبنانيين (والعرب) بمختلف انتماءاتهم. ومن الطبيعي أن يدور النقاش حولها بصدق وأمانة وشجاعة، خارج المتاريس السياسية الراهنة، وبمنأى عن محاولات الاحتواء والتوظيف السياسي في المعمعة اللبنانيّة، الأمر الذي سينقلب حتماً على المناسبة ويحدّ من صدقيّتها وتأثيرها.