لم يكن ضياء أبو طعّام يفكّر بالجوائز عندما قرّر الغطس في قعر شاطئ النورماندي. هو كان يبحث عن حقيقة تختبئ هناك، وفي طيّاتها كارثة بيئية لا أحد يلحظ خطورتها. هكذا، خرج ضياء ومعه «جمهورية النورماندي» الذي فاز أول من أمس بجائزة الإبداع الذهبية عن أفضل تحقيق تلفزيوني ضمن فاعليات مهرجان القاهرة للإعلام العربي في دورته الـ 13. يشرح أبو طعّام، الذي يعمل مراسلاً في قناة «المنار»، خلفيات التحقيق، قائلاً: «انطلقت الفكرة أساساً بعد السجال الذي دار بين الجمعيات البيئية وشركة «سوليدير» في شأن إدارة مكبّ نفايات النورماندي. وكان همّنا معرفة مدى صحة الاتّهامات ضدّ الشركة. كشف الجزء الأول، بعد ملاحقة الشاحنات المشبوهة، أنّ مقاولي «سوليدير» يوزّعون فعلاً نفايات «النورماندي» على عدد من المناطق اللبنانية. وبعدما انتهينا من التحقيق برّاً ورصدنا عمليات التفريغ في قلب منطقة النورماندي، على رغم أنّ «سوليدير» لم تسمح لنا بالتصوير من الداخل، اتجهنا صوب البحر لمعرفة أين تفرغ الشاحنات حمولاتها. وبعد اتهام «سوليدير» لنا بتزوير الوقائع، قرّرنا أن نغوص في مياه النورماندي للتأكد من الحقيقة. هكذا أخرجنا من القعر عينةً، أثبتت التحاليل لاحقاً أنّ «سوليدير» فعلاً تسهم في تلويث المياه لإفراغ موقع النورماندي، والإفادة منه لاحقاً». ويوضح أبو طعّام أنّ التحقيقات التي قدّمت في 18 حلقة عبر نشرات الأخبار، منذ أوائل آذار (مارس) الماضي، جمعها في شريط مدته نصف ساعة للعرض في المهرجان. لكن لماذا فاز شريطه بالذات بالجائزة (حوالي 8 آلاف دولار أميركي)؟ يجيب بأنّ معايير الاستقصاء الصحافي وتوافر جميع الأدلّة، إضافة إلى عنصر التشويق وفكرة الغوص في البحر بحثاً عن أدلّة، كلّها عوامل أقنعت لجنة التحكيم في المهرجان وجعلت الوثائقي خارج التنصيف. علماً بأن «جمهورية النورماندي» كان ينافس على فئة البرنامج الخاص والتحقيق. ويختم ضياء حديثه بالقول: «أليس مؤلماً أن تقنع لجنة تحكيم عربية بأهمية هذا التحقيق، فيما المسؤولون اللبنانيون لا يحرّكون ساكناً لإيقاف هذه الكارثة البيئية؟». يُذكر أنّ «المنار» وإذاعة «النور» خرجا من المهرجان بأربع جوائز إضافة إلى «جمهورية النورماندي». (راجع «الأخبار، عدد أمس)