محمد عبد الرحمن
في وقت كان فيه جورج كلوني يشيد بعمرو واكد خلال مؤتمر صحافي أُقيم على هامش مهرجان دبي السينمائي، ويؤكد أنه استمتع بالعمل معه في فيلم «سيريانا»، أعلن أشرف زكي، نقيب الممثلين المصريين، إغلاق ملف اتهام واكد بالتطبيع مع إسرائيل. إذ أكد زكي مساء أول من أمس، أن مجلس النقابة اعتمد رسمياً قرار لجنة التحقيق التي تألفت قبل ثلاثة أشهر، وأجرت جلسات عدة مع واكد وشهود آخرين، استعان بهم الممثل المصري، ليؤكد أنّه لم يكن يعلم، قبل التوقيع على عقد تصوير الفيلم الوثائقي «بين نهرين» (راجع «الأخبار»، عدد 27 آب/ أغسطس)، أنّ بطل الفيلم إيغال ناؤور الذي يجسّد شخصية صدام حسين، يحمل الجنسية الإسرائيلية. ورفض زكي اتهامات بعضهم بالتساهل مع واكد، قائلاً إنه شخصياً اتخذ موقف الحياد، منذ أن وصلته أخبار عن تصوير الفيلم في تونس. وأشار إلى أنه اتصل بعمرو، وهو في المطار، متجهاً إلى موقع التصوير. لكن تلك المكالمة لم تكن قبل تصوير المشهد الأول، بل بعد انتهاء إجازة قصيرة، عقب تصوير الممثل المصري لمعظم مشاهد شخصية حسين كامل، زوج ابنة صدام. وكان آنذاك عائداً لتصوير ما بقي من مشاهد. وأكد الممثل المصري للنقيب حينها ـــــ وهو ما كرره أثناء الدفاع عن نفسه ـــــ أنه لم يعلم بجنسية البطل، إلا بعد دوران الكاميرا. وأوضح أن بنود العقد لم تكن تسمح له بالانسحاب. لكن تلك التبريرات لم تكن وحدها المنقذ لواكد من مقصلة الشطب التي طالت قبله الكاتب علي سالم، أشهر المطبّعين مع إسرائيل في الوسط الفني والثقافي.
وأكدت لجنة التحقيق أن أسباب حفظ الملف، تتمثل في تقديم واكد لإثباتات، أفادت بأنه وقّع العقد، قبل معرفته بجنسيات باقي الممثلين المشاركين، إضافة إلى كون الشريط الذي تنتجه «بي بي سي»، والسيناريو الذي اطّلعت عليه اللجنة، لا يضمّان مشاهد تسيء إلى العرب والمسلمين. كذلك أكد واكد التزامه الشخصي قرار النقابة القاضي بالامتناع عن التطبيع مع الإسرائيليين، وذكّر لجنة التحقيق بدور الفدائي الفلسطيني الذي قدّمه في فيلم «أصحاب ولا بيزنس»، والذي فجّر نفسه وسط جنود الاحتلال في قطاع غزة.
ورغم وضوح أسباب العفو عن عمرو واكد، وما تضمنه قرار اللجنة من تحذير للممثلين المصريين بعدم قبول أعمال قد يستخدمها منتجون غربيون لتشويه صورة العرب، لم يمر المؤتمر الصحافي بهدوء. هكذا مثلاً سأل مراسل «العربية» عن سرّ إصرار النقابة على منع التطبيع، رغم أن الفلسطينيين أنفسهم يطبّعون ويقابلون الإسرائيليين كل يوم؟ فردّ أشرف زكي بأن القرار الذي أصدره سعد الدين وهبة عام 1981، نصّ على أن النقابات الفنية تحترم قرار الدولة بتوقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل. كما أن الدولة، في المقابل، تحترم قرار النقابة بعدم التطبيع المباشر، حتى تنتهي معاناة الشعوب العربية مع الاحتلال الإسرائيلي. بالتالي، يظل صمود النقابات الفنية في هذا الاتجاه نوعاً من الضغط المستمر الذي يرفض إقامة علاقات طبيعية مع الصهاينة، ما دامت الجرائم مستمرة. كما أكد أنّ الفنانين ينتظرون حلاً نهائياً للأزمة، ولن يتراجعوا بسبب مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع، لم تُثمر حتى الآن سلاماً حقيقياً. أما اتهام النقابة بتشجيع الفنانين على خوض تجارب مماثلة بعد العفو عن عمرو واكد، فرآه النقيب موقفاً مبالغاً فيه، وذلك لأن تحويل واكد إلى النيابة، كان بمثابة جرس إنذار بأن «حظر التطبيع» لم يعد قضية منسية، وأن الجميع سيكونون أكثر حذراً بعد اليوم. وشدد على أن الشطب سيكون المصير المحتوم لأي ممثل أو منتج، يثبت أنه تعامل مباشرة مع فنانين إسرائيليين مهما كان الهدف من هذا التعاون.