محمد عبد الرحمن
من كان يتصوّر أن تتحوّل غزارة الإنتاج في السينما المصرية عبئاً ثقيلاً على صدور الموّزعين؟ سباقُ الأضحى يشهد منافسةً لا ترحم: أحمد السقّا، وكريم عبد العزيز، وميّ عزّ الدين... يقتحمون قريباً دور العرض. فهل تُنعش كثرة العروض شبّاك التذاكر أم تختم الموسم بمفاجآت غير متوقعة؟

تُبدي السينما المصرية في السنوات الأخيرة، حرصاً على المضي قدماً في غزارة الإنتاج، من دون التفكير في هدنة أو التوقّف ولو قليلاً لإعادة حساباتها. زيادة الإنتاج هذه أصبحت للمرة الأولى عبئاً على الموزّعين، بعدما كانوا يشتكون ندرة الأفلام الصالحة للعرض قبل عامين فقط. وها هو موسم الأضحى الذي كان يستقبل أربعة أفلام على أقصى تقدير، يُفتتح بستة، سبقها اثنان قبل أسابيع، مع تأجيل قسري لأعمال أخرى، خوفاً من زيادة حجم الخسائر، علماً بأنّ المنتجين جازفوا بعرض أفلام النجوم هذا الموسم، وذلك لأنّها كانت مرشحة للعرض في الصيف حيث تبقى الأفلام لوقت أطول في دور العرض، ما يسمح بتعويض كلفة الإنتاج الضخمة (تخطّى بعضها حدود الثلاثة ملايين دولار) كما يحدث في الصيف عادة.
هكذا بدأ الصراع حول العيد مبكراً. حتى إن يوسف شاهين اضطر لعرض «هي فوضى» يوم 28 تشرين الثاني (نوفمبر). وقد تزامن صدوره مع فيلم «الماجيك» للمخرج محمد مصطفى. وكان يُفترض نزول فيلم «حين ميسرة» يوم الأربعاء الماضي، كي يستفيد من العرض المبكر ولو لأسبوع واحد. لكنّ المخرج خالد يوسف لم يتمكّن من إنهاء العمليات الفنّية في الوقت المناسب. هكذا، دخل الفيلم في القائمة السداسية، علماً بأنّه كان أول أفلام العيد جذباً للاهتمام، وخصوصاً على المستوى الصحافي. إذ تناولت معظم الصحف بإسهاب الشريط الذي يلقي الضوء على الحياة في إحدى عشوائيات القاهرة حيث يشتدّ الفقر. وهناك، يبرز يوسف مع السيناريست ناصر عبد الرحمن، المخاطر التي تهدّد المجتمع المصري اليوم، نتيجة إهمال ملايين الفقراء، وتركهم من دون أدنى حماية اجتماعية وثقافية في مناطق تحولت قنابل موقوتة. لكن عنصر الجذب الأساسي للفيلم يكمن في احتوائه مشاهد غرامية بين الفنانتين غادة عبد الرازق وسمية الخشاب (راجع «الأخبار»، عدد 14 ك1/ ديسمبر). ويضم «حين ميسرة»، نخبة من النجوم أبرزهم: هالة فاخر وسوسن بدر وعمرو سعد ومحمود قابيل وأحمد بدير ووفاء عامر وعمرو عبد الجليل. والشريط من إنتاج شركة «ألباتروس» التي تدخل السباق أيضاً مع فيلم «غوبا». في هذا العمل، يبدي مصطفى شعبان إصراراً على المضي قدماً في سينما الحركة. ويطلّ في شخصية مصوّر صحافي متخصص في قضايا الفضائح، تقوده الظروف إلى زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تتغير قناعاته ويشارك في المقاومة على طريقته. الشريط من تأليف محمد رفعت وإخراج أحمد سمير فرج، وبطولة داليا البحيري وأحمد عزمي مع الفنان السوري غسان مسعود. ويراهن شعبان على الفيلم حتى يحرز تقدماً في شباك التذاكر، بعد فترة من الثبات في مكان واحد، إذ لم تحقق أفلامه الأخيرة إيرادات جيدة.
أما «الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائي»، فتدخل المنافسة مع فيلمين. أولهما «خارج على القانون» لكريم عبد العزيز ومايا نصري وحسن حسني. وفيه يواصل عبد العزيز تقديم أفلام درامية، تجمع بين الموضوع الجذاب والمطاردات والكوميديا الخفيفة. هنا، يجسّد كريم شخصية ابن تاجر مخدرات، يتورّط في صراع مع الشرطة وأباطرة المخدّرات بعد مصرع والده، بينما تحاول زوجته مساعدته للهرب من مصيره المحتوم.
للشركة «العربية» أيضاً، وبالتعاون مع شركة «ترايلر»، فيلم «شيكامارا» الكوميدي الوحيد هذا الموسم، على عكس العادة، وهو مؤشر مهم إلى تغيّر اهتمامات المنتجين في الآونة الأخيرة. إلا أنّ «شيكامار» يعكس طموح مي عز الدين في تأكيد نجاحها كنجمة شباك، بعد «أيظن» الذي حصد إعجاب الجمهور وغضب النقاد. وهنا، تقدم مي شخصية شعبية، تضطر إلى التنكّر في أكثر من شكل، ضمن أحداث شيّقة. ويشارك في العمل نجوم الصف الثاني في الكوميديا المصرية: إدوارد، لطفي لبيب، ماجد الكدواني، محمد شومان. أما الإخراج فلأيمن مكرم.
وتُطل تجارة المخدرات مرة ثانية مع فيلم «الجزيرة»، المقتبس عن قصة حقيقية عن زعماء عصابة حوّلوا الجزيرة حيث يقيمون إلى دولة مستقلة. وهذا الفيلم يضع أحمد السقا في مواجهة مباشرة مع كريم عبد العزيز، غير أنّ مهمة الأول أكثر صعوبة. ذلك أنّه يطل باللهجة الصعيدية، كما أنه في معظم أحداث الفيلم يغرق في وحول الجرائم (بخلاف كريم عبد العزيز). علماً بأن السقا، خلال التصوير، تعرّض إلى إصابة حادة في العين اليمنى، وهو يأمل أن يعوّض آلامه بإقبال الجمهور على الفيلم الذي يعيد محمود ياسين إلى السينما بعد غياب. كما يقدم هند صبري باللهجة الصعيدية للمرة الأولى، ومعها زينة وخالد الصاوي وباسم سمرة، فيما التأليف لمحمد دياب والإخراج لشريف عرفة.
أما آخر أفلام العيد فهو «خليج نعمة» الذي يحمل وحده صفة العمل الشبابي، إذ يشارك في بطولته كل من غادة عادل وباسم ياخور وإدوارد ومحمود العسيلي ومي كساب. تدور الأحداث حول مجموعة من الشباب يعملون في شرم الشيخ، حيث تقلب التفجيرات الإرهابية، التي وقعت قبل ثلاثة أعوام، حياتهم رأساً على عقب. ويُعدّ «خليج نعمة» من أضعف أفلام العيد في سباق شباك التذاكر حتى الآن.

بدءاً من الأربعاء في الصالات المصرية