لم يحدث لشاعر أن عُطِّلت مسيرته الشعرية كما حدث لمنذر مصري. في البداية، اضطر إلى إصدار مجموعته الأولى «آمال شاقة» (1978) في طبعة خاصة ووزِّعت توزيعاً محدوداً (200 نسخة). ثم تأخر عشر سنوات لتصدر مجموعته «داكن» التي صادرتها الرقابة ومنعت توزيعها. ثم انتظر عشر سنوات أخرى تقريباً قبل أن تتولى «دار الريس» إصدار مجموعتيه: «مزهرية على هيئة قبضة يد» (1997) و«الشاي ليس بطيئاً» (2004). لكن بعض الانتظام الذي عرفته أعماله الأخيرة لم يحجب الصورة التقليدية لشاعر عُرقلت تجربته واضطُهدت. في العام الماضي، وفي لفتة شعرية صحية، تبنّت دار «أميسا» السورية نشر مجموعاته الأربع الأولى في مجلّد واحد. حينها عرفنا أنّ مجموعتيه الثالثة والرابعة كان ينبغي أن تصدرا قبل أكثر من عشرين سنة. والأرجح أنّ هذا ليس كل ما في جعبته، فقد يفاجئنا منذر مصري بمجموعة أو أكثر، إما تلكّأ هو في نشرها وإما لم يجد من يتبنّى نشرها.لا نعرف كم هو ضروري أن تُقرأ تجربة أي شاعر وفق تسلسلها الزمني الطبيعي، إذ يندر أن نعثر على مبادرات نقدية عربية تدرس ما يصدر من شعر. لعلّ هذا يكشف أنّ ظلماً إضافياً وقع على تجربة هذا الشاعر. فلو أن مجموعاته صدرت بشكل اعتيادي، لتساوى، على الأقل، مع أقرانه وزملائه في ما يتعرضون له من كسل وازدراء نقدي. ولكن أليس من الأفضل طرح الأمر بشكل آخر: أين هم هؤلاء النقاد أصلاً؟