رلى راشد
تملّكتني حمّى الكتابة كما الجميع، ما إن قرأتُ عن تجربة “ويكي نوفيل” أو “رواية ويكي”. دخلت إلى الموقع، سجّلت اسماً مستعاراً واخترت كلمة دخول للمشاركة في إطلاق نواة أول رواية إلكترونية مفتوحة للجميع تتبنّاها دار “بينغوين” البريطانية المرموقة. كنت قد اطّلعت، قبل أيام، على مقتطفات من فصلها الأول حيث ثمة رجل مضطرب ينزّه كلبه ويدعى كارلو، وآخر يدعى ماك كاي دانت “وهو اسم مختصر شبيه بالإسم الذي تحمله جميع شخصيّات روايات التشويق”. حتى الأمس، كانت الرواية قد بلغت فصلها الخامس. وقعتُ على ما يلي “سارة حبي، اطهي شيئاً ما، هل يمكنك فعل ذلك؟ أتضوّر جوعاً”. فأضفتُ جملة لا تمتّ الى الموضوع بصلة “كنت أعمل على مقالي حول “رواية ويكي” عندما جاءتني فكرة دخول الموقع وكتابة نسختي الخاصة عن الأمور: إنها تجربة مثيرة للاهتمام”!
في بضع ثوان، استسلمت الى “شهوة الكتابة”، تماماً كما استسلم “بانغوين” الناشر البريطاني الذي تبنّى كلاسيكيات أدبية، الى تحديّات السوق وإلى أفكار قسم التسويق فيه ليخوض مشروعه التجريبيA Million Penguins مُتعاوناً مع محترف الكتابة في جامعة دو مونفورت البريطانية. سمح “بانغوين” لأيّ كان بالولوج الى موقع رواية شُرِّعت على سجيّة هواة التأليف وأطلقت العنان لأفكارهم كما للسطو، إن رغبوا، على أفكار من سبقهم الى الموقع. اعتمدت المحاولة على تقنية “ويكي” التي قامت عليها موسوعة “ويكيبيديا” الإلكترونية المجانية التي كرسّت “ديموقراطية” الحصول على المعلومات على الشبكة العنكبوتية. سمحت “الرواية” كما في الموسوعة، بتعديل المعلومات أو محوها أو إضافة أخرى. وضع “ويكي نوفيل” “مشاريع الكتّاب” أمام تحدّ هائل، وهو التخلّي عن “أناهم” على عتبة الموقع، ليكرّس “تقاسم” الشخصيّات والحبكات التي لن يستطيع أيّ من الكتّاب إعلان أبوّته لها.
تعني كلمة “ويكي” بلغة هايتي “سريع”، وقد قلبت هذه التجربة المُباغتة، بسرعة قياسيّة، ماهيّة التأليف رأساً على عقب، وانتفضت على الحاجة المُلحّة الى العزلة. وبحسب بينغوين، أرادت الرواية (التي باتت تعرف في إسبانيا باسم “ويكي نوبيلا”) أن تكون امتحاناً لإمكان انضواء مجموعة أقلام مختلفة الاتجاهات والاهتمامات تحت صوت روائيّ متجانس. وبغية تفادي “الحروب الارتداديّة” التي شهدتها أحياناً “ويكيبيديا”، سيقوم فريق من طلاب قسم الكتابة الإبداعية في جامعة دو مونفورت ومن طلّاب وسائل الاتصال الجديدة بمراقبة المواد التي عليها الالتزام بقواعد أخلاقية أساسية، ولا سيما “التــــــــهذيب ومعاملة الآخرين بالمثل”! يؤكّد جيرمي ايتينغاوسن ناشر بينغوين ــ بريطانيا الإلكتروني، أن هذه التجربة الرياديّة “ضرب من الجنون” ويقرّ بعدم إدراكه مآلها أو مستقبلها. فمحاولة تهميش العمل الفردي والتميّز الشخصي قد يُنتج ربما، كما يقول، وعاء “معكرونة أحرف”، مضيفاً انه ما من نية لبينغوين الى الآن، في نشر العمل عند اكتماله. وحتى هذا الحين، يسعكم بدوركم، أن تجرّبوا منافسة فوكنر أو همنغواي على العنوان التالي http://www.amillionpenguins.com. لقد عدت، من جهتي، مرة أخرى الى صفحة التعديلات في الموقع لأجد أن إضافتي “المُفتعلة” قد اختفت تماماً!