مهى زراقط
قرار التهدئة وتمرير ذكرى استشهاد رفيق الحريري
على خير، انسحب هدوءاً إعلامياً على شاشات المعارضة، من دون أن يلغي وجودها بالكامل. كيف «قاومت» المعارضة أمس «هجمة» الموالاة و «سرّبت» رسائلها؟


“الهدوء” و“مرور الاحتفال على خير” اللذان ختم بهما معظم مراسلي المحطات التلفزيونية رسائلهم، لم يستطيعا إخفاء حال الانقسام السياسي على الشاشات المحلية اللبنانية. وإذا كانت المعارضة “مرّرت” احتفال الموالاة على خير، ولم تلجأ إلى التشكيك بالحشد وحجمه، أو “استفتاء” الجماهير عن جنسياتها ومناطقها، أو التقاط الصور النافرة التي حضرت أمس، وهو سلاح إعلامي اعتادت بعض المحطات استخدامه، فهي أيضاً لم تمح نفسها تماماً من المعادلة.
“أن بي أن” وجدت الحلّ الأسهل بالإعلان عن “ترقّب النقل المباشر للاحتفال الذي ستقيمه “حركة أمل” في صور عند الساعة الثالثة” مبرّرة بذلك تغيّبها عن التغطية المباشرة لمهرجان قوى 14 آذار، فيما جعلت من صورة للرئيس الشهيد رفيق الحريري مذيّلة بعبارة “شهيد كل لبنان” رسالتها السياسية المباشرة.
“المنار” اعتمدت أيضاً على الفواصل التي تؤكد أن الحريري هو “شهيد لبنان” و“شهيد الوحدة والعيش المشترك”، لكنها خاضت “تحدّي” النقل المباشر، واعتمدت أسلوباً معتاداً في نقلها لاحتفالات المعارضة في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، وهو استقبال ضيف في الاستوديو مع إبقاء شباك آخر مفتوحاً على ساحة الشهداء. وتأكيداً على“حسن نيّتها”، نقلت كلمة النائب سعد الدين الحريري كاملة في رسالة سياسية واضحة تؤكد الحرص على العلاقة مع عائلة الشهيد. غير أن “المنار” لم تكتف بذلك، فالانسحاب التام مرفوض والأسلحة الإعلامية متعددة وتوفر الحل دائماً، وأي سلاح أمضى من الصورة؟
لذلك لاحظنا تفرّد كاميرا “المنار” بنقل صورة الحشد من خلف الجدار الفاصل بين جمهوري المعارضة والموالاة. “نحن هنا، الساحة ليست لكم وحدكم، نحن انسحبنا مؤقتاً” تقول الصورة التي شكّلت سلاح “المنار” الوحيد أمس. لكنه السلاح الأكثر تعبيراً ورمزية إذا لم ننس أن “الحرب الإعلامية” هي حرب ساحات أصلاً. فلنتذكّر أن توحيد ساحتي 8 آذار و14 آذار شكّل شعار المعارضة منذ اليوم الأول لتحركها، وبالتالي جرت الدعوة إلى مهرجان أمس من محطات الموالاة تحت شعار “الساحة فاضية بلاكن” بالترافق مع صوت صفير الريح في الخلاء.
من هنا أيضاً، يصبح مفهوماً حرص إعلاميي “أل بي سي” على البحث عن تسمية أخرى يطلقونها على الجزء الثاني من ساحة الشهداء في حال الاضطرار إلى ذكره في التقارير الإخبارية. وليد عبود مثلاً لا يقول ساحة الشهداء فقط. نسمعه يكرّر دوماً “ساحة الشهداء ساحة الحرية”. أما مراسل المحطة بسام أبو زيد فيجد للساحة حيث مخيّم المعارضة اسم “ساحة الدباس” مناقضاً بذلك التسمية التي كان يعتمدها زملاؤه في المحطة نفسها خلال تغطيتهم لتظاهرات المعارضة: “ساحة اللعازارية”. أما المراسلون الحياديون، إذا جاز التعبير، فقد وجدوا حلاً آخر. نستمع إلى مراسل “TV5” فريديريك دومون يتحدث عن “الجزء الثاني من الساحة” وعن “جزأي الساحة”.
في المقابل، بدا أنّ الموالاة اعتمدت سلاحها الإعلامي فقط في مرحلة التعبئة لحشد الجماهير، تاركة للخطباء إكمال المعركة السياسية ضد الطرف الآخر. فقد بدأت النقل المباشر منذ الصباح، وكانت الحماسة في المبالغة عن “رفض الترهيب” و“مواجهة الخطر” و“تلبية النداء” لافتة. بل إن مراسلة “أل بي سي” دنيز رحمة ذهبت إلى حدّ تعداد الحافلات والسيارات التي ستقلّ المشاركين من جماهير “القوات اللبنانية” و“الكتائب”. نسمعها تتحدث عن “450 حافلة وألفي سيارة” ومشاركة “الناس كل الناس” في المهرجان. هذا في ظل غياب الحديث عن أرقام مليونية، واعتمدت “المستقبل” خبر “وكالة الصحافة الفرنسية” عن “مئات الآلاف” فيما قدّر مراسل “العربية” عدنان غملوش الحشود بمئتي ألف.
يذكر أنه خلافاً للعادة، فضّلت “العربية” و“الجزيرة” عدم النقل المباشر للاحتفال منذ بدايته، وانتظرتا الكلمات “الدسمة” التي بدأت عند الساعة الواحدة والثلث مع رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع ثم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وختاماً مع كلمة النائب سعد الحريري.