دبي ــ زياد عبد الواحد
لم يعد الريموت كونترول كافياً لاكتشاف المحطات الجديدة. في سوق مزدحم بأكثر من 400 قناة عربيّة، باتت الفضائيات تعلن عن انطلاقتها في حفلات صاخبة، لا توفّر أيّاً من عناصر الاثارة والتشويق!

فيما يطرح خبراء الإعلام والتسويق التساؤلات عن جدوى حفلات إطلاق القنوات الفضائية، ومدى تأثيرها في تعريف الناس بالمحطة الجديدة، أطلقتت مجموعة “أم بي سي”، أول من أمس، مولودها الجديد “أم بي سي أكشن”، وسط أجواء “مفزعة” و“شيقة”، تشبه أجواء المسلسلات التي ستبثها بدءاً من آذار (مارس) المقبل. في ممر الدخول المؤدي الى شاطئ الجميرا حيث أقيمت الحفلة في دبي، فوجئ المدعوون بأحجام “ضخمة” لعدد كبير من رجال أمن، ارتدوا لباس شرطة أميركية، طلبوا من الناس، “تحت وطأة السلاح”، مواجهة الحائط، ثم الدخول الى السجن. إنه “أكشن” مستمدّ من المسلسل الأميركي الشهير Prison Break. وقد قام مسؤولو التسويق في “أم بي سي”، بالتعاون مع شركة انكليزية متخصصة، بتصميم السجن. لأكثر من نصف ساعة، تمّ “حشر” أكثر من مائتي مدعو، من الصحافيين وكبار الشخصيات في المجموعة وقنوات أخرى ورؤساء شركات، في بقعة مسوّرة، فيما أصوات الكلاب وموسيقى الخطر انطلقت من أجهزة الـ “دي جي” حميد. بعد ذلك، أفرج عن المدعوين، في لحظة انفجار مفرقعات هائل، “أودى” بهم وبالبوابة الى الشاطئ حيث كان هيكل طائرة المحترق في انتظارهم، ورجال وحسناوات يرقصون بالنار. وحده منظر برج العرب كان بمقدوره التأكــــــــــــيد في كل لحظة أن الشاطئ لـيــس شاطئ المسلسل الشهير “لوست”. في المحصلة، تمتع المدعوون وأكـــــــــلوا وشربوا ورشّوا النبيذ في كل مكان، وناموا... هل تضررت “أم بي ســــــــي” من حجم الأموال التي أنفقت فـــــــي تلك الليلة، ام أن الأمر كان مجدياً؟
يقول مازن حايك، المسؤول التسويقي في المجموعة إن “التكاليف التي رصدت لحفلة الاطلاق لا تقارن بتكاليف الانتاج الضخم الذي ستقدمه القناة، من أشهر أعمال وبرامج وموسيقى ورياضة التشويق في العالم”. ويؤمن حايك بأن ضخامة المحتوى تستدعي حفلة إطلاق “بهذا المستوى، وتكون مرتبطة بالفكرة (التيمة)”.
وحايك الذي انضم الى القناة قبل أشهر قليلة، آتياً من عالم التسويق والعلاقات العامة، هو أحد أعضاء “نادي المسوّقين” الذين يؤمنون بأهمية حفلات الإطلاق (Launch Event) في الترويج للمُنتَج. وبحسب دراسة أجرتها مجلة تسويقية متخصصة، فإن غالبية المؤثرين في القرار التسويقي في المنطقة، يرون أن حفلات الاطلاق جزء محوري من خططهم الكاملة. وقد أجرت مطبوعة “جي أم آر”، المعنية بالاستراتيجيات الإقناعية للشركات، دراسة كشفت فيها أن 88 في المئة من المسوّقين يؤمنون بأهمية حفلات الاطلاق، ويعتقد 75 في المئة من الأشخاص الذين شملهم استطلاع الرأي، أن أي حفلة تفيد العلامة التجارية بغض النظر عن مناسبتها. فيما يرى 44 في المئة أن حفلات الشركات “مبالغ بها، تحديداً في منطقة الخليج، وهي لا تساعد كثيراً في الخطط التكتيكية”.
من جهتها، تعبّر زويا صقر، مسؤولة العلاقات العامة في شبكة “الآن” التلفزيونية، عن أهمية هذه المناسبات: “إنها تستحوذ على جزء مهم من الميزانية التسويقية، خصوصاً في السنة الأولى لإطلاق التلفزيون”. وتجد أنها أكثر فاعلية من مجرد نشر أخبار صحافية، خصوصاً في مرحلة الترويج الأولى: “كانت النجمة المصرية يسرا في الحفلة، كذلك إليسا. وتسابق الصحافيون على التقاط الصور لهما، وقد وقفت إلى جانبهما وفـــــــي خلفية الصور لوغو التلفزيون”.
وقد اطلقت “الآن” في أكثر من حفلة، في دبي والقاهرة وبيروت. وبعض الحفلات “استدعى منّا تحضيراً لأكثر من 4 أشهر، وقد تعاونّا مع إحدى أكبر الشركات الالمانية لتنظيم هذه الفعاليات، وهي الشركة نفسها التي أقامت حفلة إطلاق مطار دبي”. تم توزيع أكثر من 300 جهاز “آي بود” في حفلة إطلاق “الآن” في دبي، فيما وزعت أجهزة الناقل التسلسلي العام (يو أس بي) في مصر. وتقول صقر، إن الهدايا تعكس فكرة القناة التي تعتمد على المقاربات العصرية وتراعي أنماط الحياة الجديدة للمرأة العربية. وتؤكد أن “حفلة الاطلاق تضع القناة في موقعها منذ اللحظة الأولى، لذا عليها أن تحافظ على مستوى الصخب والضجيج الذي حققته في هذه الحفلة، والا فإنها ستكون فاشلة”. من جهتها، أعادت قناة “وان تي في” منذ بضــــــــــعة أشهر، اطلاق القناة، عبر حفلة صاخبة في دبي، تمّ الاعلان فيـــها عن هوية ومضمون جديدين لها، بعد أكثر من سنتين من إطلاقها الأول الذي كان “هادئاً”. ولا يفصح كل من حايك وصقر عن القيمة الفعلية لتكلفة حفلات إطلاق القنوات التي يديرون شؤونها التسويقية، لكنهم يؤكدون أن المال المصروف لا “يعدّ مهدوراً”.