بهية العينين
المشهد الفضائي بعد حرب تموز (يوليو)، قلب المعادلات، وأفرز مفردات جديدة في الإعلام المرئي... والقنابل العنقودية تكاد تكون إحدى أبرز هذه المفردات الجديدة. ففي عدوان 2006 على لبنان، ألقت إسرائيل نحو مليون قنبلة عنقودية على بقعة جغرافية لا تتجاوز مساحتها الـ 3000 كلم2. وهو ما جعل المجازر فعلاً مستمراً، إذ لا يكاد يمرّ يومٌ إلا تنفجر إحدى القنابل، وسط غياب أي مشروع فعلي يضع حدّاً لهذه المآسي.
هذه المعطيات هي المحور الأساسي لفيلم وثائقي، يصوّر في الجنوب، بعنوان «لبنان والقنابل العنقودية». أما المخرج فهو جواد متني، ابن الدامور ذو المنشأ الأميركي، وقد عاد أخيراً إلى لبنان بهدف محدد: تقديم شريط يظهر أكثر الصور بشاعة للعدوان الذي نفذته حكومة أولمرت مستعينةً بأسلحة أميركية، ومتخذةً من الدفاع عن النفس، ذريعةً لذلك.
يؤكد متني، وهو مخرج الشريط ومعدّه ومصوره، أن الفيلم موجّه بالدرجة الأولى إلى الشعب الأميركي، «في محاولة لإظهار خطورة القنابل العنقودية»، وإلى لفت انتباههم صوب كيفية استخدام إسرائيل للدعم الإميركي، وكيف تُنفق ثروات طائلة لشنّ حروب همجية. إضافة إلى الإضاءة على خطورة القنابل العنقودية على المجتمع الإنساني والبيئة. يقول متني إن فيلمه يهدف أيضاً إلى تغيير الصورة المشوّهة عن أهل الجنوب المقاوم، التي كرّستها بروباغندا وسائل الإعلام الأميركية، والغربية عموماً. وهو زار العراق سابقاً في محاولة لرصد آثار حرب الخليج الأولى على الجنود الأميركيين، جراء استخدام اليورانيوم في تلك الحرب. ففي فيلميه «يورانيوم في العراق» و«سلبيات ما بعد الحرب»، يتوجّه إلى أسر هؤلاء الجنود الذين عادوا من الخليج، مصابين بأمراض خطيرة نتيجة استخدام اليورانيوم. ويدعو في الشريطين كلًّا من أسر الجنود والمجتمع إلى الثورة على الحكومات الأميركية المتعاقبة التي لا تتورع عن تعريض أبنائها والآخرين للخطر، حتى تحقق مآربها. هذه الأفلام، ينفّذها متني وحيداً، وعلى نفقته الشخصية. ويؤكد أن لهذه النوعية من الشرائط جمهوراً عريضاً، منتقداً تقصير العرب في اختراق المجتمع الأميركي عبر صناعة الأفلام الوثائقية.
وبالعودة إلى «لبنان والقنابل العنقودية»، ثمّة فكرة أساسية يركّز عليها الفيلم: مصدر هذه القنابل وصانعوها، ممّ تتكون، وكيف تسلّم إلى إسرائيل، ومن هي أكثر الدول التي تشتريها.
هكذا يؤكد الفيلم أن الدولة العبرية تملك في مخازنها قنابل عنقودية صنعت قبل 30 عاماً، تم استخدامها في الحرب الأخيرة على لبنان. كذلك يقدّم شاهداً حياً عانى لسنوات من انفجار إحدى القنابل بجسده عندما كان في الثالثة في العمر، فيما هو اليوم في الثلاثين. إضافة إلى اكتشاف المخرج لقنابل عنقودية في قرية كونين، صنعت عام 1970.
يتضمن الشريط أيضاً لقاءات مع شخصيات عاشت الحرب الأخيرة على لبنان، من صحافيين وممرضين لازموا الجنوب، وآخرين أصيبوا بانفجار القنابل، بعد انتهاء العدوان. ويضيء على نازعي الألغام، أولئك الذين يخاطرون بحياتهم في سبيل البحث عن قنابل مزروعة بين الشجر أو الحجر، أو تحت التراب أو حتى في أساطيل المياه، وفي أي مكان لا يخطر على بال. يُذكر أخيراً أن متني الذي بدأ التصوير في آذار (مارس) الماضي، يحتاج إلى أسابيع قليلة حتى ينتهي من التصوير، يعود بعدها إلى أميركا لتنفيذ المونتاج الذي يتطلب أربعة أشهر تقريباً. على أن يترجم الفيلم إلى الإنكليزية والعربية في آن، ثم يعرضه على شركات إنتاج عربية وعالمية، بغية تقديمه على الشاشات المهتمة بالبرامج الوثائقية. لمزيد من المعلومات يمكن زيارة موقع الفيلم الإلكتروني:
www.lebanonclusterbomb.com