تونس ــ سفيان الشّورابي
تنطلق غداً الدورة 13 من «أيّام قرطاج المسرحية» على وقع سؤال واحد يتعلّق بمستقبل هذا المهرجان العريق. ستشهد التظاهرة التي تقام تحت شعار «المسرح إرادة الحياة»، مشاركة 63 عملاً من 16 بلداً. ويفتتح عرض «شوكولا» (سوريا) المهرجان الذي يكرّم «مسرح الكفاح» من العراق وفلسطين ولبنان وسوريا (!) ولعل حدث المهرجان هو مشاركة مسرحية «خمسون» للفاضل الجعايبي وجليلة بكّار التي بقيت «غير مرغوب فيها» طوال أشهر، قبل أن تتراجع وزارة الثقافة التونسية وتسمح بعرضها أخيراً. ويتعرض الجعايبي أشهر مسرحيي تونس والعالم العربي، إلى قضايا القمع السياسي في بلاده على خلفيّة مناقشة الخطاب السلفي بهدوء واتزان.
كانت «أيام قرطاج المسرحيّة» لسنوات من المواعيد التي ينتظرها الفنانون والجمهور على السواء للتعرف إلى آخر إبداعات المسرح التونسي والعربي. وكان المهرجان منذ سنوات، يشكّل حضناً حقيقياً للمخرجين والنقاد والممثلين لتنشيط المشهد المسرحي. لكن مكانته تراجعت في ظل مناخ ثقافي يحاصر المسرح منذ سنوات، ما انعكس على مستوى الأعمال المسرحية التونسية. هكذا كادت الحركة المسرحيّة المذكورة تفقد ريادتها عربياً، فضلاً عن تراجع الاهتمام بالمسرح بشكل عام.
في مؤتمره الصحافي قبل أيام، رأى محمد إدريس «أن المهرجان مستمر في تفاعله مع محيطه العربي والأفريقي، ومنفتح أيضاً على العالم»... مضيفاً أنّ «هناك من يؤمن بأن الفن صفة من صفات الكفاح، لذلك سنكرم مسرح الكفاح». وتشارك في التظاهرة بلدان عربية تتخبط حالياً في دوامة سياسية دامية: «حظر تجوال» و«حلم في بغداد» (العراق)، «لغة الأمهات» (الجزائر)، «النشيد» (لبنان). ويُختتم المهرجان في الثامن من الشهر المقبل بعرض «جدارية» للمسرح الوطني الفلسطيني.
وتتميز فعاليات الدورة 13 بمشاركة الشاعر التونسي جمال الصليعي بتجربته الأولى في العمل المسرحي مع عرض «عودة الثعبان المقدس» الذي يقدم فيه قراءة شعرية معاصرة لقصيدة مهمة كتبها أبو القاسم الشابي عام 1937، وتمتد معانيها ودلالاتها وعمق صورها لتعبر عن مأساة الإنسان العربي اليوم. ويقوم العرض على الإنشاد الشعري الممسرح، في نص موحد الرؤية ومتعدد الأبعاد. وتتخلل القراءات معزوفات منفردة على العود للفنان مراد الصقلي تمثل قراءات موسيقية للنصوص المنشدة.
وتتألف التظاهرة المسرحية من خمسة أقسام: «الحضور»، سيُعرض خلاله 19 مسرحية تونسية وأفريقية ــــ «الانفتاح» وتعرض في إطاره خمس مسرحيات من أوروبا للاطلاع على التجارب المغايرة في العالم ــــ «بانوراما» تتضمّن 16 مسرحية من تونس، بينها «سينما» (حمادي المزي)، «رهائن» (عز الدين قنون)، «امرأة» (زهيرة بن عمار)، «كأزهار الربيع، كأوراق الخريف» (رضا دريرة)، «تحت برج الديناصور» (عبد الوهاب الجملي)، «هنّ» (هدى بن عمر)، «حرارة الروح» (حسام الساحلي)، «قبل حين» (أنور الشعافي)، «انتبه أشغال» (غازي الزغباني)، إلخ. ــــ «رؤى» وعرض هذا القسم 4 مسرحيات من تونس وفلسطين والعراق ــــ «اكتشافات» ويتضمن 3 مسرحيات من تونس وفرنسا وإيطاليا.
ومن العروض العربية، نذكر «كلام في سري» (مصر)، «نساء لوركا» (العراق)، «القناع» (الأردن)، «لغة الأمهات» (الجزائر)، «زنقة شكسبير» (المغرب)، «عرس الدم» (فلسطين)، «توقف» (ليبيا)... أما بالنسبة إلى المسرحيات الأجنبية فهي «كلّو سكوت» و«لقاء سيد ديكارت» و«السيد بسكال الشاب» و«ميراي» و«محفوظة بالجسد» من فرنسا، و«قبلة الموت» من بلجيكا و«تحت الركبتين» من البرتغال. وللجمهور موعد مع المسرح الأفريقي، من خلال«كنت في بيتي في انتظار المطر» (الكونغو)، و«الزنوج» (إنتاج إيطالي سنغالي).
وأعلن أيضاً تنظيم معارض لمختلف الموضوعات، وأمسية شعرية للشاعر محمود درويش، وحفلات موسيقية للفنان عادل كازانوف ومراد الصقلي. وأُعلنت مشاركة العديد من النجوم العرب الذين لم يتأكد حضورهم بعد: عادل إمام، زاهي وهبي ونضال الأشقر، سلاف فواخرجي وجمال سليمان وأسعد فضة، الطيب الصديقي وعبد الكريم برشيد. ويبقى السؤال: هل ستحقق هذه الدورة تطلعات الجمهور الذي يتمسّك بفنون الفرجة، رغم حالة الإحباط السياسي والفكري والثقافي؟