جيزيل خلف
التنجيم، التبصير، كتابة «الحجابات»، «ضرب المندل»، «فكّ الخط» و«صنع الخط» البعض يرى فيها علماً والآخرون يربطونها بالشعوذة، لكن مما لا شكّ فيه أنّ كثيرين اتخذوا منها مهنة ومصدر رزق وجني أرباح. والمنجمون في لبنان كثر، ينتشرون في كل المناطق وقد يكثر وجودهم في منطقة معينة نظراً إلى ازدياد الطلب على «رؤية وقراءة المستقبل».
في بلدة عرمون مثلاً سبعة منجّمين تختلف طريقة عمل كل منهم عن الآخر. فهناك «منجّم سفلي» يتعامل مع عالم الجان وآخر «علوي» يعتمد «الإلهام الرباني» حسب قول أصحاب المهنة. البعض وجد في منزله مكاناً ملائماً للعمل فعزل غرفة خاصة بممارسة التبصير واستقبال الزبائن، والبعض الآخر استأجر مكتباً صغيراً في شقةّ، فيما ذهب آخرون لإنشاء «مؤسسات» قائمة بحد ذاتها تتوزّع فيها المكاتب على «موظفين» وسكرتارية تقوم بأخذ المواعيد وتحديد دوام العمل... فالإقبال كثير من الزبائن المحليين ومن البلدات المجاورة. والبعض قد يكتفي من الزيارة الأولى لكن الأغلبية تستدعي موعداً ثانياً وجلسات متتالية. أما عن تعريفة الجلسة، فهي تختلف حسب الحالة والطلب لتتراوح بين 20 دولاراً أدناها وأكثر من 100 دولار في بعض الأحيان.
لم يتعلم أصحاب هذه المهنة مهنتهم في الجامعات ولا المعاهد بل لكل منجّم «مدرسته الخاصة» وطلاب تتلمذ على أيديهم فمنهم من تعلّم التنجيم في الكتب أو ورثها عن سلفه وآخرون من كبار الممتهنين يقولون إن «هذا الفنّ لا يُعلَّم».
نبيل بوغنام أو «العم نبيل» هو أحد منجّمي المنطقة الذين لم يتعلّموا المهنة عبر الكتب بل «يأتي ذلك من إلهام نفسي». وهو يقول إنّ «هذه الفترة الزمنية فترة سلبية مردّها حركات فلكية يتزايد تأثيرها تدريجاً على الإنسان والحيوان وكذلك على الطبيعة فنشهد الكوارث الطبيعية والحروب الصعبة والأزمات الإنسانية» ويوضح العم نبيل أن «علم الفلك علم شريف تنجّس بعد تداخله بالتبصير وكثرة المتاجرين به والدجّالين الذين يستغلون ضعف الناس ومآسيهم ويتلاعبون بمشاكلهم» بينما وجود المنجمين هو «لمساعدة الناس على تخطي هذه الفترة المتأزمة». يتقاضى العم نبيل أجراً لقاء عمله يقول إنه زهيد مقارنه مع «خبرته الطويلة في هذا العمل» الذي يقوم به منذ سبع سنوات. ويقول العم نبيل إن عمله قريب من عمل عالم النفس إلا أن عالم النفس لا يتخلى عن حياته كإنسان إذ يمارس شهواته الغرائزية والجنسية ما «يقلل من طاقته وقدرته على التواصل مع العالم الشريف الآخر».
سمر (40 سنة) هي إحدى السيدات اللواتي يولين زيارة المنجمين اهتماماً كبيراً وخصوصاً بعد أن لمست «فائدة كبيرة من نصائح المنجمين ورؤياهم» وهي مستعدّة لدفع المزيد من الأموال إذا لزم الأمر مقابل الحصول على بعض المعلومات التي تساعدها على حلّ مشاكلها الشخصية. أما إيمان وهي فتاة متديّنة ومحجّبة، فتعتبر أنّ التنجيم أمر طبيعي إذ إن «الجان مذكور في القرآن الكريم» ولكن عندما يتخطّى المنجمون حدودهم ويبدأون بمسيرة الغش والركض وراء المال والأرباح فهذا يصبح كفراً».