علاء اليوسفي
نجوميّة رمضان هذا الموسم، للإنتاج الخليجي! السعودية وحدها أنتجت 13عملاً تُعرض دفعةً واحدة. لكن تلك الفورة الكميّة تقتصر على الكوميديا، أما الأعمال التي تعالج قضايا جادة، فما زال نصيبها المنع. ممثلون ومخرجون يطرحون تساؤلاتهم وهواجسهم
سجّلت الدراما السعودية في رمضان 2007 رقماً قياسياً من ناحية عدد المسلسلات المعروضة على الفضائيات العربية والتلفزيون المحلي السعودي. وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الساحة الدرامية السعودية إنتاج 13 مسلسلاً، تُعرض كلّها في شهر واحد. مع الإشارة إلى أنّ قناة LBC أجلّت عرض مسلسلي «أخوات موسى» و«أنا وأنت والإنترنت» إلى ما بعد رمضان.
وإذ يعكس هذا التطوّر، بنظر بعضهم، خروج الدراما المحلية من عنق الزجاجة، وتحررها من وصاية الرقيب الصارمة التي كانت تضع الكثير من العراقيل أمام صنّاع المسلسلات، متسببةً في ضمورها وضعف حركتها ونموها... فإنه في المقابل، يضيء على تلهّف الفضائيات إلى استقطاب 17 مليون مشاهد سعودي، يمثّلون ركيزة ذهبية لسوق الإعلانات، عدا المشاهدين من باقي دول الخليج. وهذا ما دفع القنوات العربية، وعلى رأسها «دبي» وMBC وLBC الفضائية، إلى دعم الأعمال الدرامية السعودية، في ظلّ حديث عن وجود مصالح تحكم الإنتاج في التلفزيون السعودي الذي يقول عنه الممثل عبد الله العامر إنه فرّط في «طاش ما طاش»...
لكن هذه ليست سوى الجهة المشرقة للصورة، فيما تقبع على الجهة الأخرى تساؤلات وهواجس، يفصح عنها الممثلون والمخرجون السعوديون في هذا التقرير. فهل استطاعت الدراما السعودية هذا العام في ظلّ التطور الكمي، استقطاب المشاهدين الخليجيين والعرب؟ وهل انعكس العدد تعدداً وتنوعاً في البرامج؟ وماذا عن المستوى الفني الذي قدمته؟
يرى الممثل عبد الرحمن الرقراق أن المستوى الدرامي الخليجي، والسعودي تحديداً، كان أكثر توهجاً في السنوات السابقة. لكنه يشهد تراجعاً في السنوات الأخيرة، إذ إنّ معظم الأعمال هي عبارة عن تقليد واستنساخ بعضها من بعض أو من الأعمال السابقة. كذلك يشير إلى غياب الأعمال التي تعالج القضايا الإشكالية المعاصرة. ويستثني برنامج «طاش ما طاش» الذي يراه حالة خاصة ولافتة بطرحها ومضمونها. ويلفت إلى «بيني وبينك» كوميدياً و«عمشة» الذي يتميز بطرحه، إضافة إلى «خلوكم مكاني» خفيف الظل، وهي الأعمال التي يشارك فيها.
ويعزو الرقراق تدنّي المستوى إلى عدم منح العمل الوقت الكافي للإعداد، «فالمنتج جلّ همه أن يقدم العمل من دون مراعاة للجوانب الفنية»، داعياً إلى الإعداد للأعمال الرمضانية من بداية السنة، لا قبل رمضان بشهرين. أما أبرز ما تتطلبه الدراما الخليجية حتى ترتقي بمستواها، فيلخّصها بالابتعاد عن الاستنساخ، والاتجاه نحو الابتكار، واختيار النجوم المناسبين، ثم الاستعانة بكتّاب مميزين من المنتجين والمحطات الفضائية.
مشعل المطيري، بطل «خليكم مكاني» الذي يعرض على التلفزيون السعودي، يقول إن المستوى الدرامي الخليجي الذي تقدّمه المحطات الفضائية محبطٌ، وإن الأعمال الدرامية السعودية والخليجية لم تتطور منذ سنوات. وهي لم تخرج عن دائرة التجريب إلى حيز الاحتراف، فالخط هو نفسه يطغى عليه الطابع الكوميدي في السعودية، في محاولة لاستنساخ «طاش» الذي بقي يغرّد وحده خارج سرب التقليد. ويرى أن «طاش» لم يشهد هبوطاً طيلة سنوات، باستثناء بعض الحلقات، «وبسبب نجاحه على المستوى الجماهيري، حاول الآخرون أن يقلّدوه من خلال مسلسلات كوميدية باهتة، بدلاً من أن يعمل المنتجون على ابتكار مضامين جديدة. أما الأعمال التراجيدية المعروضة فيغلب عليها الصراخ والضرب والنحيب على اعتبار أن هذا ما يجذب المشاهد الخليجي بنظرهم. لكن تلك الأعمال جاءت ضعيفة على المستوى الفني».
أما عبد العزيز الفريحي، المخرج المسرحي الذي شارك تمثيلاً في مسلسلات «دمعة عمر» و«نورا» و«خارطة أم راكان»، فيرى أن الأعمال شهدت تراجعاً عن العام الماضي بعكس التوقعات. حتى أن بعض المسلسلات لم تسعفها أسماء النجوم التي شاركت فيها. خصوصاً أن النص لم يكن يليق بها، مثل مسلسل «بيني وبينك» الذي يشارك فيه فايز المالكي وحسن عسيري. ويخشى الفريحي أن يفقد المشاهد العربي الثقة بالدراما الخليجية بسبب ما يعرض حالياً، بعدما استطاعت أن تستميله في وقت سابق. ويقول: «حتى المشاهد السعودي، المستهدف الأول من كل الأعمال الدرامية الرمضانية، أدار ظهره لها والتفت صوب أعمال أخرى مثل «الملك فاروق» و«باب الحارة»». ويشدد على أن ما تفتقده الدراما الخليجية أساساً اليوم هم كُتّاب النص.
ويلحظ خالد الطخيم الذي أخرج مسلسل «أوراق سجينة» وقبله «القادم الغريب»، أن التحوّلات الظرفية في السعودية والحراك الاجتماعي ظهرا في إطار اسكتشات لا أعمالاً درامية متكاملة. أما ما يسمى الأعمال الدرامية، فلم تلفت الانتباه ولم تكن ناجحة، متسائلاً عن سبب غياب مثل هذه الأعمال لمصلحة الأعمال الفكاهية التي قُدمت بمستوى جيد، حسب رأيه.
وعمّا إذا كان المشاهد السعودي يستسيغ الأعمال الفكاهية أكثر، أم أن القنوات هي التي تفرض توجهاتها، يقول: «قد يكون المشاهد يحب تلك الأعمال، لكن من يستطيع أن يؤكد ذلك في ظل غياب الإحصاءات والاستبيانات عن ميوله؟ يبدو لي أن المشاهد يتميز بعقلية القطيع، بمعنى أنه يتماشى ويرضخ لما تفرضه عليه وسائل الإعلام في ظل غياب البدائل. وعلى رغم أن الجمهور يميل إلى الأعمال الخفيفة، أعتقد أنه سيتلهف لمشاهدة المسلسلات الجادة». ويشير إلى أن النجوم البارزين اليوم على الساحة الفنية هم نجوم الكوميديا، وقد يكون هذا المؤشر هو ما عزز اتجاه وسائل الإعلام نحو برامج الضحك.

«بيني وبينك» 19:30 على mbc
«عمشة» 19:30 على LBC الفضائية