تونس ــ فرح داغر
يوم أعلنت القناة الثانية في «بي بي سي» نيّتها تقديم وثائقي درامي عن صدام حسين، توقّع الجميع أن يثير هذا العمل الجدل. لكن اليوم، وبعد بدء التصوير في تونس، يبدو أن مسلسل «بين النهرين»، سيحدث ضجةً من نوع آخر. إذ وقع اختيار كاتبه ومخرجه ألكس هولمز على ممثل إسرائيلي ـــ عراقي ليلعب شخصية... صدام حسين! يغال ناؤور (48 عاماً)، مثّل في العديد من المسرحيات الإسرائيلية، وشارك في أفلام مشتركة أنتجتها إسرائيل وأميركا. كما قدّم شخصية محمود الهمشري في فيلم «ميونيخ» لستيفن سبيلبرغ.لماذا تم إسناد دور صدّام إليه؟ يبرر المخرج التونسي فارس نعناع، وهو من ضمن فريق العمل، أن اختيار ناؤور تمّ بعد عملية «كاستينغ» طويلة، شملت العديد من البلدان العربية والغربية. وقد قرر هولمز في النهاية أن يسند إليه البطولة، نظراً إلى الشبه الكبير بينه وبين صدّام لا أكثر.
لكن العمل يطرح أسئلة تتعلق بالمضمون أيضاً... بعد أشهر طويلة وزيارات سرية لفريق فني بريطاني وأميركي إلى عدد من دول العالم، وإجراء اختبارات لعشرات الممثلين العرب والأجانب، رفض فنانون عرب، وخصوصاً في فلسطين، المشاركة في المسلسل، أو حتى قراءة النص. وذلك لاقتناعهم بأن العمل، مهما حاول ادّعاء الموضوعية، سيعكس في النهاية وجهة نظر غربية، تجاه قضايا العراق والشرق الأوسط.
ويقول المخرج هولمز إن المسلسل يوثّق لفترة زمنية تبدأ في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وتنتهي عند سقوط صدام حسين في كانون الأول (ديسمبر) 2003، على أن يتوقف عند اكتشافه في الملجأ السري تحت الأرض وإلقاء القبض عليه، لا لحظة إعدامه. ويشير إلى أن أهمية عمله تكمن في تقديم حكاية صدام من «وجهة نظر عراقية، مستقاة من أشخاص كانوا مقرّبين منه، لا من وجهة نظر غربية فحسب. ويوضح أنّ المسلسل الذي كان يحمل في السابق اسم «بيت صدّام»، سينطلق من منزله وعائلته، ليتحدث عن كيفية تمكنه وأقربائه وقادته العسكريين من الاستيلاء على السلطة في العراق، والاحتفاظ بها لفترة طويلة، وصولاً إلى الدور الجوهري الذي لعبه في الشرق الأوسط، وعلاقته ببعض الدول.
ويضيف هولمز أنه أمضى تسعة أشهر مع فريق عمل خاص في بحث تفاصيل المشروع، وأجرى مقابلات مع مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين عايشوا عصر صدام عن قرب. كما حاول أن يتفهم العالم الذي كان يعيش فيه صدام والمحيطون به، ما جعل المسلسل يمتدّ إلى أربع حلقات، مدة كل واحدة منها 52 دقيقة.
ويستمر التصوير الذي بدأ منذ أسبوع حتى 22 أيلول (سبتمبر)، في مناطق تونسية عدة، من قلب العاصمة إلى حي الحفصية الشعبي ثم مدينة توزر في جنوب البلاد. ويشارك فيه ممثلون عرب وأجانب، بينهم الأميركية من أصل إيراني شهره آغداشلو في دور ساجدة زوجة صدام، الفرنسي فيليب أرديتي (عدي صدام حسين)، المصري عمرو واكد (حسين كامل المجيد)، الممثل الفلسطيني المعروف مكرم خوري (في دور نائب رئيس الوزراء العراقي السابق ووزير الخارجية طارق عزيز)، التونسيان هشام رستم ومحمد علي النهدي، إضافة إلى ممثلين من سوريا، والأردن...
هل حقاً سيحاول الفيلم تقديم توثيق حقيقي عن هذه الحقبة؟ وكيف سيتناول دور أميركا والأنظمة الغربية خلال عهد صدام؟ ولماذا لم يتم اختيار فنان عربي لهذا الدور تحديداً؟ أسئلة برسم الحلقات التي تنتجها «بي بي سي» بالاشتراك مع القناة الأميركية «اتش بي او»، وتعرض قريباً...